العالم مقبل على أسوأ أزمة اقتصادية في التاريخ

العالم مقبل على أسوأ أزمة اقتصادية في التاريخ

يبدو أن الاقتصاد العالمي مقبل لا محالة على تراجع إن لم يكن انكماشا حادا، والتوقعات الأولية تشير إلى انخفاض النمو بحدود 0.9-0.5% إلى 1.5% هذا العام، وقد يصل إلى أدنى مستوى له منذ الأزمة المالية العالمية، بحسب منظمة التعاون.

وقد يشهد العالم أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، وستعتمد هذه الاحتمالات على مدى الانتشار الزماني والمكاني للفيروس، وعمق الأزمة التي سيتسبب فيها، ومتى تضع الحرب معه أوزارها.

لكن كلما طال أمد الصراع ضد كورونا أدى ذلك إلى ارتفاع حالات الإفلاس بين الشركات والبطالة بين المجتمعات، وستكون الفئات الأضعف و"ذوو الدخل الأقل" هم الأكثر عرضة، وستكون لذلك تبعات اجتماعية كبيرة وضغوط هائلة على الحكومات لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي من خلال برامج الإنقاذ والدعم المختلفة وخفض الضرائب.

هذه الحكومات ستكون مداخيلها متأثرة أساسا بسبب شلل الاقتصاد المحلي والعالمي، وسيشكل كورونا مع انهيار أسعار النفط بسبب حرب الأسعار السعودية أثرا سلبيا مزدوجا على دول الشرق الأوسط، وسيشكلان تحديا كبيرا للدول التي تعاني من هشاشة أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية أساسا ولم تستفد من تجربة الربيع العربي بالمضي قدما في إصلاحات مقنعة، كالعراق ولبنان والجزائر ومصر.

كورونا وحرب النفط

الصين أكبر مستورد للنفط في العالم، والصدمة التي سببها فيروس كورونا للاقتصاد الصيني أضعفت الطلب العالمي على النفط الذي تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينخفض إلى أدنى مستوى له في عشرة أعوام، ومن الممكن تغيير هذه التوقعات إلى ما هو أسوأ.

وسرعان ما تلقى الطلب العالمي صدمة أخرى أدت إلى المزيد من إضعافه بسبب حرب الأسعار السعودية التي أدت بدورها إلى انهيار الأسعار إلى أدنى مستوى لها في عشرين عاما بنسبة 30% إلى ما دون 30 دولارا للبرميل.

وبذلك تلقت الأسواق ضربتين موجعتين في آن واحد معا، من فيروس كورونا ومن حرب الأسعار التي دشنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وإذا طال أمد هذه الحرب فستكون لها آثار كارثية على اقتصادات العديد من الدول المصدرة ودول مجلس التعاون والمنتجة للنفط الصخري.

كورونا والحرب التجارية

سيفاقم كورونا الضغوط الموجودة أساسا بسبب الحرب التجارية، فانقطاع الإمدادات للشركات التي تعتمد على مدخلات من الصين سيصب في صالح حرب ترامب التجارية مع الصين، وقد يؤدي إلى المزيد من التحول عن الصين والتنويع في مصادر الإمداد للحماية من الصدمات الناشئة من خلال تركز الاستيراد من بلد معين، ولكنه لن يؤدي إلى تحول كامل عن الصين، ولا يعني ذلك بالضرورة أن الشركات ستعود إلى أميركا، لكن ربما تبحث عن أماكن أخرى.

كورونا والنقل الجوي

كان قطاع النقل الجوي هو الأكثر تضررا بأزمة كورونا مع انخفاض معدلات الرحلات حول العالم وبقاء الطائرات على الأرض وإغلاق العديد من المطارات، للحد من انتقال الفيروس بين الدول وعبر العالم.


فقد انخفضت معدلات الرحلات مع المناطق الموبوءة، كالصين وإيطاليا وايران ومصر، وتم حظر الطيران بين أميركا وأوروبا، وإغلاق بعض المطارات في الشرق الأوسط، ومع تقلص حركة الطيران حول العالم من المتوقع إفلاس بعض الشركات ووصول خسائر شركات الطيران العالمية إلى 100 مليار دولار، مع انخفاض القيم السوقية لصناعة الطيران.

الإنقاذ والدعم

دفع فيروس كورونا العديد من الحكومات حول العالم إلى التدخل ببرامج إنقاذ ودعم ضخمة للقطاعات الاقتصادية والاجتماعية المتضررة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ودعم النمو لتحاشي الدخول في انكماش اقتصادي عميق.

فهناك خطط وبرامج دعم وتحفيز نقدي ومالي، لدعم القطاع المالي واللوجستي والإمداد والنقل ولمواجهة ارتفاع معدلات البطالة والتضخم في مناطق مختلفة من العالم، كالاتحاد الأوروبي وبريطانيا والشرق الأوسط.

وفِي الولايات المتحدة، أقرت خطة دعم اقتصادي واجتماعي بتريليوني دولار، حيث بلغت طلبات العاطلين عن عمل مستويات تاريخية.

وتعكس هذه التدخلات قلق الحكومات من زعزعة كورونا للاستقرارالاقتصادي والاجتماعي في بلدانها.

ماذا عن أسواق المال؟

ماليا، تواصلت انهيارات أسواق المال العالمية والإقليمية، بتراجعات هي الأسوأ منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008.

ورغم تدخل البنك المركزي الأميركي بخفض أسعار الفائدة إلى صفر لتحفيز الطلب وضخ 700 مليار دولار، والدخول في برامج مبادلة مع البنوك المركزية الرئيسية لتوفير السيولة الدولارية حول العالم، وتجنب شح السيولة وتجمد أسواق المال فإن رد أسواق المال جاء معاكسا بالمزيد من الارتباك والانهيارات المدفوعة بقلق من الدخول في انكماش اقتصادي عميق، فقد فقدت البورصة الأميركية ما يزيد على 11 تريليون دولار من قيمتها السوقية منذ تفشي كورونا.

وفي دول مجلس التعاون كان التراجع في أسواق المال هو الأسوأ منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية بما يزيد على 24%.

 

 

الكاتب: رنا إبراهيم
المزيد