المصريون يودعون "عربات الفول" لأول مره في رمضان

المصريون يودعون "عربات الفول" لأول مره في رمضان

يعتبر الفول هو جزء أصيل في الثقافة المصرية في رمضان، خاصة على موائد السحور، حيث يبقي معدة الكثيرين قادرة على الصمود لأطول فترة ممكنة، بأرخص وجبة مشبعة.

لكن الأمر اختلف هذا العام بسبب جائحة كورونا، إذ اختفت عربات الفول التي كانت تعج بها شوارع القاهرة لتقدم وجبات السحور المميزة بأطباق متنوعة، لا تعتمد فقط على الفول، بل يجاورها ما لذ وطاب من الأطباق الشعبية المصرية كأقراص الطعمية الساخنة، وأصابع البطاطس المقرمشة، وأطباق الباذنجان على اختلافها.

ذهبت موائد السحور في الشوارع أدراج رياح كورونا، وأنهى حظر التجول ما اعتاده المصريون من بهجة ليلية لا تنقطع من أذان المغرب حتى مطلع الفجر.

اعتاد المعلم عبد البديع لسنوات تجهيز عربته الخشبية وثلاث قدور ممتلئة بالفول. كانت تلك هي العدة اليومية لواحد من أشهر بائعي الفول في حي الجمالية، والذي يدير محلات فول الحاج رفاعي.

كانت القدور الثلاث ترسي قواعدها في نفس المكان كل ليلة من بعد أذان المغرب حتى الساعة الثانية صباحا، في حركة بيع لا تنقطع.

يحكي عبد البديع للجزيرة نت عن رمضان قبل أن ياتي زمن الوباء "كنت أعد القدور الثلاث، وأقضي الليل في حالة بيع مستمر، ومعي ثلاثة من المساعدين، لكن الآن أقف منفردا بقدر واحدة نصف ممتلئة، أبدأ العمل من بعد صلاة الظهر حتى السادسة، وأنهي العمل قبل موعد الحظر".

محلات الرفاعي بحي الحسين كانت تملك محلا آخر خاصا بموائد السحور، إذ تمتد الطاولات الصغيرة بطول الشارع الضيق، لكن في هذا العام اختفت تلك الموائد وأغلق المحل.. يقول عبد البديع "لماذا نفتح المحل؟! لا أحد يأكل طعمية ولا البطاطس ولا الباذنجان.. الجميع يطلب الفول".

الطريق إلى شارع المعز كان دوما مفروشا بعربات الفول، وروائح الأطباق الشعبية الشهية المتصاعدة من الطعمية والثوم والباذنجان، فقد كان يسيل له لعاب المارة من كل حدب وصوب.. ولم يكن يتوقع أحد أن يخلو شارع المعز من زواره، وأن يخلو الشارع أيضا من جميع مباهجه وعلى رأسها عربات السحور، إلا "سفينة".

في المفرق الموصل بين شارعي المعز والجمالية، يقف محمد سفينة على رأس عربة الفول -التي يملك قدورها أبًا عن جد- في الشارع الذي تحده المعالم الأثرية من جميع جوانبه.. كان سفينة ملتقى السائحين والباحثين عن سحور متميز وسط أجواء رمضانية مختلفة، لكن الأمر تغيّر الآن، فما عادت الأجواء كما كانت، ولا عاد سفينة قادرا على بيع أطباق الفول ومشتقاته.

اضطر "سفينة" أن يبيع أكياس الفول للطالبين أثناء ساعات النهار فقط، أما ليلا فيمنعه الحظر، حيث يقول للجزيرة نت "أبلغتنا الشرطة بقائمة ممنوعات تشمل الزحام وموائد السحور والفراشة بجوار المحل، حتى البيع في الأطباق ممنوع.. المسموح به فقط هو كيس الفول، وعلى بعد متر من مدخل المحل".

الكاتب: رنا إبراهيم
المزيد