يشهد لبنان انهيارا اقتصاديا متسارعا يعد الأسوأ في البلاد منذ عقود، ولم تستثن تداعياته أي طبقة اجتماعية، وخسر معه عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءا من رواتبهم خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث بات نصف اللبنانيين يعيشون تقريبا تحت خط الفقر، فيما تعاني 35% من القوى العاملة من البطالة.
وتترافق الأزمة مع تراجع غير مسبوق في قيمة الليرة، إذ تخطى سعر صرفها مقابل الدولار عتبة الـ9 آلاف هذا الأسبوع، فيما السعر الرسمي مثبت على 1507 ليرات، وتسبب هذا بموجة غلاء جنوني وتآكل القدرة الشرائية لشريحة واسعة من اللبنانيين.
ونتيجة ضيق الأوضاع الاقتصادية، أقدم لبناني على الانتحار عبر إطلاق النار على رأسه في وسط شارع الحمرا التجاري بالعاصمة اللبنانية بيروت.
وترك الرجل (61 عاما) خلفه ورقة عليها العلم اللبناني، وإفادة صادرة عن السلطات تشير إلى خلو سجله العدلي من أي جرائم، بالإضافة إلى عبارة "أنا لست كافرا لكن الجوع كافر"، وهو مقطع من أغنية لزياد الرحباني (نجل المطربة فيروز)، في إشارة إلى سوء الأوضاع الاقتصادية وتردي الأحوال المعيشية.
وتجمّع العشرات من المتظاهرين في موقع الانتحار، وأغلقوا الطريق لوقت قصير، رافعين لافتات عدة كتب على إحداها "لم ينتحر، قُتل بدماء باردة"، وحمل شاب لافتة ثانية جاء فيها "هاربون للموت بسبب الفقر والجوع".
وقالت صبا مروة خلال مشاركتها في الوقفة "اليوم ثمة شخص انتحر في الحمرا، والناس لا يزالون صامتين ونائمين، شخص قتلته الطبقة (السياسية) والفقر".
وفي قرية جدرا القريبة من مدينة صيدا (جنوب) وجدت جثة شاب (37 عاما) الجمعة معلقة داخل غرفة في منزله.
وقال رئيس بلدية جدرا جوزيف القزي لوكالة الصحافة الفرنسية إن الشاب -وهو أب لطفلة صغيرة ويعمل سائق حافلة صغيرة- أقدم على شنق نفسه بواسطة حبل علقه في سقف غرفة الجلوس فيما كانت عائلته خارج المنزل.
وكان الشاب يعاني من ظروف مادية صعبة جراء الوضع الاقتصادي المتعثر، وفق القزي.
وأكد متحدث باسم قوى الأمن الداخلي أن الحادثتين انتحار، لافتا إلى ازدياد معدلات الانتحار منذ مطلع العام، من دون أن يتمكن من تحديد النسبة.