هل تستطيع التوقف عن متابعة العمل أثناء الإجازة؟

هل تستطيع التوقف عن متابعة العمل أثناء الإجازة؟

يجد معظمنا صعوبة في الفصل بين الاجازة ومتابعة مجريات العمل، فنجده يتابع باستمرار مستجدات العمل عبر متابعته البريد الالكتروني والقلق إزاء ما يجري في العمل.

كشفت دراسة حديثة أجرتها شركة "تيسيان" البريطانية للأمن الإلكتروني، والتي تحدثت إلى 1000 موظف في الشركات التي توظف ما لا يقل عن 100 شخص، أن أكثر من نصف الموظفين في بريطانيا يشعرون بأن هناك توقعا داخل جهات عملهم، بأن يردوا على رسائل البريد الإلكتروني بسرعة.

ويستخدم 6 من بين كل 10 موظفين هواتفهم الذكية، لإرسال رسائل البريد الإلكتروني في غير أوقات العمل.

وكشفت شركة "غلاسدور" للتوظيف عن إحصاءات مشابهة مفزعة: 23 في المئة من الموظفين، الذين أخذوا إجازات سنوية خلال عام 2018، قاموا بانتظام بمراجعة رسائل البريد الإلكتروني المتعلقة بعملهم، بينما استمر 15 في المئة في العمل طوال عطلتهم، بسبب الخوف من التخلف عن الركب، وعواقب عدم تحقيق أهدافهم.

تفحص البريد الإلكتروني

ربما تكون قد سمعت عن مفهوم جديد، يجري الحديث عنه مؤخرا في مجال الصحة والسلامة النفسية: التخلص من السموم الرقمية.

يحدث هذا عندما يقرر الأشخاص عدم الاتصال بالإنترنت بشكل متعمد، سواء كان ذلك بالتوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لفترة معينة من الزمن، أو بإطفاء هواتفهم الذكية وحواسيبهم المحمولة تماما، والذهاب إلى مكان لا يتمتع بتغطية قوية لشبكات الهاتف أو شبكات الإنترنت واسعة النطاق.

وقالت صوفي بيكاب، المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات في بلاكبيرن، لبي بي سي: "أتفحص رسائل البريد الإلكتروني الواردة من عملي مرتين حينما أكون بعيدة عن العمل، لكن في أغلب الأحيان أتجاهلها. من المفترض أن تكون الإجازة بمثابة راحة من العمل، وأتعامل معها على هذا النحو. أنا لا أتحدث حتى عن العمل. لا أريد أن أتذكره".


توقعات متزايدة

يقول معهد تشارترد لشؤون الموظفين والتنمية، وهو جمعية مهنية تجمع المحترفين في إدارة الموارد البشرية في بريطانيا، إن الشعور بالحاجة إلى "أن تكون متصلا دائما" قد ارتفع، منذ أن اكتسب هاتف بلاك بيري شعبية قبل حوالي 15 عاما.

منذ ذلك الحين أصبح هناك توقع، نما تدريجيا، بأنه إذا كان لديك القدرة على الوصول إلى التكنولوجيا، التي تمكنك من الرد على الرسائل على الفور، وتجعلك دائما متصلا، إذن يجب أن تكون قادرا على الرد بسرعة، حتى خارج ساعات العمل.

ويقول ديفيد ديسوزا، مدير العضوية في معهد تشارترد، لبي بي سي: "يتفقد الكثير من المديرين رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهم خلال عطلاتهم، وهذا خلق توقعا بأن يفعل الموظفون ذلك أيضا".

يقول كريس هاردينغ، الرئيس التنفيذي لشركة "أكشوال غروب" لخدمات الصيانة ومقرها في مقاطعة إسيكس البريطانية، إنه يناقش هذا الموضوع كثيرا مع فريق عمله، لكن "لا توجد إجابة صحيحة أو خاطئة بشكل قاطع".

ويضيف: "أنت لا تسترخي تماما وأنت لا تعرف ما يحدث. ومع ذلك، قد يرتاح البعض أكثر إذا كانوا منفصلين تماما عن العمل".

وفقًا لمعهد تشارترد، لا تشترط معظم الشركات على موظفيها وجوب بقائهم على اتصال بعملهم، حينما يكونون في إجازة سنوية. ومع ذلك، فإن الشركات تقر بأن التوقع المتصور يدفع نحو هذا، وقام بعضها باتخاذ خطوات لمعالجة الأمر.

يقول ديفيد ديسوزا إن بعض إدارات الموارد البشرية، أو أقسام تكنولوجيا المعلومات، بدأ في تقييد وصول الموظفين إلى البريد الإلكتروني للعمل، أثناء قضائهم إجازة.

على سبيل المثال، اتبعت شركة دايملر في ألمانيا سياسة، مفادها أنه إذا حاولت إرسال بريد إلكتروني إلى شخص في إجازة سنوية، فسيتم حذف رسالتك.

ويضيف ديسوزا أن الأمر يعتمد حقا على ثقافة المنظمة المعنية، لكن إدارات الموارد البشرية بدأت تأخذ في الاعتبار البحوث النفسية، بشأن الآثار السلبية الناجمة عن الإفراط في استخدام الهواتف الذكية على الوعي العقلي، والنوم وحتى على وضعية الجسم.

ويقول: "نحن بحاجة إلى علاقة أفضل مع التكنولوجيا، والتأكد من أننا لسنا مدمنين، أو نفرط في قضاء الوقت أمام الشاشات. وثانيا، نعلم أن إنتاجية الناس تتراجع إذا لم يستريحوا بشكل كاف أثناء العمل".

الكاتب: رنا إبراهيم
المزيد