نعيش اليوم في عصر التّواصل المباشر، تدفّق المعلومات على مدار السّاعة، وإكتشافات وإختراعات جديدة لا تُحصى ولا تُعدّ، لكن لابدّ من العودة والتّدقيق بالتّاريخ، لنكتشف بأنّ للعرب فضلٌ على تشكيل ثقافةٍ عالميّةٍ على العديد من المستويات. ربما نسينا، أو لم نعلم ما أصدرته أرضنا من ثقافةٍ ومن عباقرةٍ غيّروا نظرة الجميع للدّنيا وصدّروا حضارةً تعيش أبعد من صانعيها. حضّرنا ٧ من أشهر وأهم الإختراعات التي يعود الشّكر لوجودها إلى أجدادنا و أبناء أراضينا.
الآلة الطّائرة
قد لا يكون الفضل الأكبر للأخوين الأمريكيّان رايت، وقد لا تكون أول آلة طائرة "كيتي هوك". فقبل أكثر من ألف عام، بذل الشاعر وعالم الفلك والموسيقي والمهندس العربي المسلم عبّاس بن فرناس، عدّة محاولات لبناء آلة طائرة. في عام ٨٥٢، إستخدم القماش المُمتدّ على دعامات خشبيّة مما يُعتبر أوّل مظلّة إختُرعت في التّاريخ. وعندما أصبح في السّبعين من عمره، إخترع آلة من الحرير وريش النّسور، ساعدته على الطّوفان في الهواء لمدّة ١٠ دقائق متواصلة بعد قفذه عن هاوية عالية. لا يزال مطار بغداد يحمل إسمه.
من الخيمياء إلى الكيمياء
تُمّ تحويل ما عُرف قديماً بالخيمياء إلى ما نعرفه اليوم بالكيمياء، وذلك من قِبل العالم العربي جابر بن هيان في حوالي العام ٨٠٠ ميلادي. كان هيان المسؤول عن إختراع العديد من الإجراءات الأساسيّة والمعدّات التي لا تزال على قيد الإستخدام اليوم. نذكر أبرزها: التّقطير، التّبخير، التّبلور، تقنيّة التّشريح والأكسدة. كما أنه كان المسؤول عن إكتشاف حمض الكبريتيك والنيتريك. كان الأخير أيضاً مخترع الأنبيق، الذي ساعد مباشرةً على إختراع العطور والمشروبات الرّوحية.
كاميرا ذات الثّقب
إعتقد الإغريق لعصور بأن الضّوء ينبعث من العين وهذا ما يسمح لنا بالرّؤية. لكن أوّل من عارض هذه النّظرية كان عالم الرّياضيات وعالم الفلك والفيزيائيّ العربي إبن الهيثم، الذي إكتشف بأنّ العين تتلقّى الضّوء فنرى، عكس ما ظُنّ سابقاً. إخترع الأخير أوّل كاميرا ذات الثّقب، بعد رصده لطبيعة الضوء عندما رأاه يدخل ثقباً صغيراً وينعرض على الحائط.
العقود المروحيّة في البناء
معروفةٌ أيضاً بالقوس المدبّب، وهي تقنيّةٌ بنائيّة مشهورة في الكاتدرائيّات القوطيّة الأوروبيّة لكنها مأخوذةٌ من العمارة الإسلاميّة مباشرةً. كانت هذه التّقنية متفوّقة على الأقواس المُستديرة المُستخدمة من قِبَل الرّومان والنّورمان. شاملةً هذه الثّقافة المعماريّة المُصدِّرة الكثير من الإختراعات الأخرى، مثل تقنيّة بناء القبّة، والنّوافذ الورقيّة والعقود. أثبتت الأبراج المُربعة الأوروبيّة أنها أقلّ قوّةً من العقود المروحيّة التي صُمّمَت بالأصل من قِبَل العرب.
الحمّام والغسل
إعتُبِر الحمّام والغسل من الطّقوس الإسلاميّة العربيّة في الوقت الذي كان الأوروبّيّون يعتبرون أن الإستحمام مُضِرٌّ للصحّة.أنشأ العرب أوّل وصفةٍ عامّة للصّابون التي لازلنا نستخدمها اليوم. وكانت خليطاً من الزّيوت النّباتيّة مع هيدروكسيد الصّوديوم والزّيوت العطريّة مثل البرتقال أو الزّعتر. شهدت إنجلترا أوّل شامبو بفضل رجلٍ عربيّ.
الوجبة الثلاثية
مفهوم الوجبة الثلاثية، التي كانت تقتصر على: الحساء، يليها اللّحم أو السّمك، ثمّ الفاكهة والمكسّرات، تُمّ جلبها إلى كوردبا (في إسبانيا) في القرن التّاسع من العراق بفضل رجل يُدعى علي بن نافع المعروف أيضاً بزرياب أو الشّحرور. بالإضافة إلى ذلك، قام الرّجل نفسه بتقديم للأوروبيّين لأوّل مرّة نظّارات الكريستال التي تُمّ إختراعها من عربيٍّ آخر بعد تجاربه مع الصّخور البلوريّة.
الطبّ الحديث
في القرن العاشر، عُرف الجرّاح المدعوّ الزهراوي, لتصميمه العديد من الأدوات الجراحيّة الحديثة لدينا التي لا تزال على قيد الإستخدام حتى يومنا هذا، نذكر منها: المشرط، مناشير العظام، الملقط الطبّي، المقصّ الدّقيق لجراحة العيون، وغيرها. كما أنّه إكتشف بالصّدفة أن خيوط أمعاء القطط (Catgut) تذوب داخلياً بشكلٍ طبيعيّ ممّا أدّى إلى إختراعه لكبسولات الدّواء.
في القرن الثّالث عشر، وقبل ٣٠٠ سنة من تأكيدات وليام هارفي، رسم الطّبيب العربيّ إبن نفيس جهاز دوران الدّم في الجسم. بالإضافة إلى ذلك، يعود الشّكر لإختراع مبدأ التّخدير من الأفيون والكحول والإبر والمواد الموجودة في عدسة العين، إلى علماء عرب، وهذه التّقنيات لا تزال على قيد الإستخدام اليوم.