هل تعلم أن كلمة "كافر" في جنوب افريقيا تعتبر أسوأ أذية لفظية يمكن أن ينعت بها شخص شخصا آخر، خاصة إذا كان المنعوت من الأغلبية السوداء في هذا البلد.
إنها كلمة بذيئة، كلمة تنم عن الكراهية والاحتقار والحقد على المخاطب، ووقع لفظ "كافر" على الجنوب أفريقي لا يضاهيه سوى جلد السياط المهين الذي كان يتعرض له على يد البيض أيام الفصل العنصري.
وإذا كان هذا الفصل العنصري قد ولى إلى غير رجعة، فإن لفظ "كافر" لا يزال، رغم سميته، ينفلت من حين لآخر. وتنطق كلمة (كافر) في جنوب أفريقيا بلفظها العربي، وتكتب بنفس اللفظ ولكن بحروف لاتيني، لكنها لا تحمل أي بعد ديني، وترمز حسب الثقافة السائدة هناك فقط إلى أن من تطلق عليه هو شخص يحمل أسوأ صفات ممكن أن يحملها إنسان.
وبلغ من شدة تأثير هذه الكلمة وخطورة استخدامها، أن من يخاطب شخصا آخر بحرف الكاف وحده، يعتبر وكأنه قد نعته بالكافر، أي أنه وجه إليه شتيمة لا يمكن احتماله والجديد في التعامل مع هذه الكلمة، أن أي مستخدم له يعرض نفسه للسجن، وهذا ما حدث لمدعى عليها في حادث كانت فيه ضحية ثم تحولت إلى جانية بحرف أفلتته شفتاها.
فقد تعرضت مونبرغ لسطو في فبراير/شباط 2016 بينما كانت واقفة عند إحدى الإشارات الضوئية، إذ كسر المعتدون زجاج سيارتها الأمامي (حاجز الرياح) ونشلوا ما وجدوا معها مما خف وزنه وغلا ثمنه، قبل أن يختفوا. لم تصب مونبرغ، وهي من سكان جنوب أفريقيا البيض، بأذى، لكنها تحت وطأة الغضب خرجت من سيارتها وبدأت في السب والشتم، مستخدمة حرف "ك" 48 مرة، ثم لم تستطع نكران الواقعة إذ كان بعض المارة قد سجل ما كانت تتلفظ به بحذافيره.
حاولت مونبرغ تبرير استخدامها لحرف "ك"، لكنها صبت الزيت على النار عندما أكدت أنها تدرك أن هذا الحرف "ليس جيدا"، وطالبت المحكمة بتفهمها، قائلة إن "الغضب سيطر عليها بسبب ما تعرضت له، مما اضطرها لاستخدام المسبات التي تتبادر إلى ذهنها حين تشتم". وقد أصدرت القاضية حكما بالسجن ثلاث سنوات على مونبرغ، إحداهما مع وقف التنفيذ، بدعوى قيامها "بانتهاك خطير وغير قانوني ومتعمد لكرامة شخص آخر".
وبعد صدور الحكم، لم تظهر مونبرغ ندما ولم تقدم اعتذارا، بل اكتفت بأن أجهشت في البكاء قبل أن يستلمها السجانون لتبدأ فترة الحكم الذي صدر بحقها، إن لم يتغير بعد استئنافها المحتمل له.