العلاقة السامة أشد خطورة من الطلاق... لماذا؟

العلاقة السامة أشد خطورة من الطلاق... لماذا؟

يجد أزواج كثر أنفسهم غير قادرين على تحسين علاقاتهم الزوجية التي تتدهور يوما بعد يوم، وفي نفس الوقت لا يرغبون في الانفصال لأنهم يخشون من الإقدام على هذه الخطوة، حيث يشعر شريك الحياة بأنه لا يمكنه الخروج من هذه العلاقة السامة، وغالبا ما يرى أن المغادرة صعبة بالفعل، وتترك آلاما وحزنا أصعب من استمرارها، على الرغم من أنه السبيل الوحيد للنجاة.

وأكد خبراء أن العلاقة السامة يشعر فيها أحد الطرفين أو كلاهما بعدم الراحة وأن هناك شيئا مزعجا لا يمكن تحديده ويستنفد طاقة أحد الطرفين، كأن يجعل المرء شريكه ينهمك به طوال الوقت إلى درجة تجعل هذا الأخير يصاب بالإرهاق الجسدي والنفسي. وأشاروا إلى أنه في العلاقات السامة تكثر المشاكل والخلافات، وتغيب نقطة التقاء تسمح ببناء علاقة صحية تنمو بشكل تشاركي وتضمن الأمان والطمأنينة للطرفين.

ولفت خبراء إلى أن الخلل في شخصية أحد طرفي أيّ علاقة هو القاعدة في العلاقات السامة، حيث ينخرط الشريك السيء في السلوكات المسيطرة والتلاعب غير اللائق يوميا إلى حد كبير، ولكن أي علاقة تنطوي على العنف الجسدي أو تعاطي المخدرات هي بحكم تعريفها شديدة السمية وتتطلب تدخلا فوريا وفصل الشريكين، وذلك على الرغم من أن هذه العلاقات ليست بالضرورة غير قابلة للإصلاح، إلا أنها مدمرة.

وأوضحوا أنه في بداية أي نوع من سوء المعاملة، تحاول الزوجة في الغالب التكيف مع الموقف معتبرة أنه مجرد مرحلة في علاقتها، لافتين إلى أن ضحايا الاعتداء العاطفي والنفسي غالبا ما يكونون غير مدركين لما يجري بالفعل ولآثاره في وقت لاحق، مؤكدين أن معظم ضحايا سوء المعاملة العاطفية غالبا ما يعانون من الشعور بالعزلة وأنه ليس لديهم أصدقاء أو عائلة يثقون فيها، ويلعب الشريك المسيء دورا كبيرا في هذا الأمر.

وأضافوا أنه غالبا ما يكون للزوجة التي تقع ضحية الإيذاء العاطفي شعور بالذنب، لأن الزوج المسيء يلومها دائما حتى تعتقد أن ما يحدث هو بسبب خطئها، مما يجعلها غير قادرة على اتخاذ قرار الانفصال.

وأكد الدكتور الطيب الطويلي، المختص في علم الاجتماع، أن الانفصال الصامت بين الزوجين يعتبر أخطر وأكثر وطأة من الطلاق العادي والقانوني، ذلك أن الطلاق يضع حدّا قانونيا وشرعيا بين الطرفين، ويؤسس لحياتهما الجديدة بعيدا عن بعضهما وينظم زيارات الأبناء ويحدد حجم الإنفاق وكل التفاصيل الأخرى. أما في وضعية الزواج السام، فإن الطلاق يقع عاطفيا وجنسيا وحتى ماديا بين الزوجين، ولكن مع بقائهما تحت نفس السقف، والتظاهر الشكلي بالوفاق والانسجام، وهو ما يزيد من مراكمة الضغائن والمكبوتات بين الزوجين ويرفع من منسوب التوتر بينهما والذي قد يصل إلى حالات العنف اللفظي أو الجسدي، وهو ما يكون له انعكاس مباشر ومدمر خاصة على الأبناء ويؤدي إلى تنشئتهم تنشئة اجتماعية مختلة.

وأوضح الطويلي، أن “هذا النوع من الانفصال يكون غالبا خوفا من المجهول الذي يمثله الطلاق القانوني للبعض، حيث يفضلون استمرار الوضع على ما هو عليه إما حفاظا – في نظرهم – على استقرار الأبناء، وإما خوفا من نظرة المجتمع الواصمة للطلاق بشكل عام أو حفاظا على الوضعية المادية خاصة بالنسبة إلى الذكور الذين يمثل لهم قانون النفقة في تونس مشكلة كبيرة وعامل ضغط يمكن أن تستغله المرأة وتحول طليقها إلى مفتش عنه ومهدد بالسجن”.

الكاتب: رنا إبراهيم
المزيد