كلما طالت العلاقة زادت احتمالية الدخول في حياة رتيبة تتكرّر معها الأشياء ذاتها، هذا أمر بديهيّ. من رحم تلك الإعادات يُخلق الروتين. تلك الكلمة التي ما إن يؤتى ذكرها حتى يراها الكثيرون باعثا على الملل. نعم، يأتي عصر التقنية ومواقع التواصل لتزرع في وعينا بريق التغير المستمر، لترتفع بذلك المعايير غير الواقعية وتصوّراتنا المغلوطة تجاه أنفسنا والآخر. فماذا تفعل لكي تعييد إحياء الحب من جديد؟
أولا: حدد مفهومك عن الملل
لكل شخص فكرته الخاصة عمّا هو ممل. وُجدت دراسة نُشرت عام 2013 في مجلة العلاقات الاجتماعية والشخصية أنه من المهم تحديد شكل ومكمن الملل في العلاقة بوضوح. إذ هل يمكن أن يكون شعورك بالسأم لا علاقة له بالحياة الزوجية، بل يتّصل بحياتك المهنية أو حالتك النفسية؟ إذا كان الأمر كذلك فعليك التركيز على أفكار تجعلك أكثر رضا عن نفسك. إن الوعي بمصدر الضجر هو البوابة التي يمكنك عبرها صرف ذلك الشعور المزعج من حياتك.
ثانيا: تخلَّ عن توقعاتك غير الواقعية
لا يجب أن تتوقع أن يكون كل يوم رومانسيا وجميلا. في معظم أوقات الحياة اليومية ستجلس في البيت وتتناول وجبات بسيطة مع شريكك. وللعلم، هذا ليسَ أمرا مملا. لديك بالتأكيد توقعاتك من شريك حياتك، والعكس صحيح، يحدث ألا يتمكن شركاؤنا دائما من منحنا ما نعتقد أنه يجب علينا الحصول عليه. لذا، وقبل أن تُلقي باللائمة على الطرف الآخر، عليك أن تسأل نفسك أولا: هل تصوّراتي عن العلاقة الزوجية زائفة؟
بصيغةٍ أخرى، بمرور الوقت، ستستقر وتيرة العواطف وتهدأ لتحل المودة محل الافتتان وشغف البدايات، تلك التقلبات هي جزء صحي واعتياديّ في مشوار الحياة الزوجية، لتستقر على علاقة أعمق وأكثر ثراء وهدوءا.
ثالثا: مارس أنشطة أو هوايات جديدة مع شريكك
جرب هواية أو مهارة جديدة مع الطرف الآخر، كطهي وجبة طعام معا. فبحسب الدكتور "آرثر آرون"، الذي عُنِي بتأليف كتاب "الأسئلة الـ36 التي ستجعلك تقع في الحب"، فإن تجربة أشياء جديدة معا هي السبيل للحفاظ على حيوية علاقتك. في دراسة أجريت عام 993، طُلب من 53 من الأزواج تقييم جودة علاقتهم قبل تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات. أوكل لإحدى المجموعات نشاط جديد للقيام به معا لمدة 90 دقيقة في الأسبوع، ولمجموعة أخرى القيام بأنشطة ممتعة وروتينية معا بنفس عدد الدقائق السابقة أسبوعيا، بينما طُلب من المجموعة الثالثة عدم فعل أي شيء طوال العشرة أسابيع.
رابعا: استحضر طقوسكما الخاصة
هل تذكر المقهى الذي اعتدتما ارتياده، زاويتكما الخاصة فيه ومشروبكما المفضل، الأماكن التي أحببتما التجوال فيها، كل الأشياء التي شكلتما منها رمزا وصنعت بينكما لغة لا يتحدثها سواكم؟ لِمَ لا تعيدا إحياء إحدى تلك العادات؟! خصّصا بعض الوقت لقضائه معا بالخارج، كأن تذهبا لتناول الغداء أو العشاء أو لزيارة إحدى الأماكن معا في يوم متفق عليه تتطلعان إلى قدومه، أو شاهدا فيلما معا.
في كتابه "استَعِدْ زواجك: البقاء معا في عالم يفصلنا عن بعضنا بعضا"، يجزم "ويليام دوهرتي" بقوله إننا نقع في الحب من خلال الطقوس، هذه التفاصيل الصغيرة سابقة الذكر، والمحادثات اليومية أو شبه اليومية وتبادل الهدايا. نعم، الطقوس قلب العلاقة وما يُعرّفها.
خامسا: عبِّر عن امتنانك للطرف الآخر
أحد أسباب فشل الناس في الحب أنهم يتوقفون عن التعبير يوميا عن حبهم وتقديرهم وامتنانهم لبعضهم بعضا، يُفصحون بذلك في بداية الزواج، لكنهم يتناسون ذلك في السنوات اللاحقة. لذا، لا تتردد في الإفصاح عن حبك دوما، وتعلم لغة الحب الخاصة بالطرف الآخر.
في دراسة نُشرت عام 2016 في مجلة العلاقات الشخصية، ظهر أن الامتنان هو المفتاح لتقوية الروابط. لاحظ الباحثون محادثات 47 زوجا تتراوح أعمارهم بين 24 و40 عاما، طُلب من الأزواج إما مناقشة تفاصيل اليوم السابق أو التعبير عن الامتنان تجاه بعضهم بعضا لمدة 30 يوما. وجد الباحثون أن الأزواج الذين عبروا عن امتنانهم أصبحت علاقتهم أقوى بعد شهر، على النقيض من الأزواج الذين لم يفعلوا ذلك. وفقا للباحثين، فإن إظهار الامتنان، حتى لأصغر الأشياء، يساعد الأشخاص على الشعور بالحب والتواصل. وبشعور الناس بالارتباط بشركائهم يكونوا أقل عرضة للسأم من العلاقة. يقودنا هذا إلى ألا تأخذ علاقتك كأمر مسَلّم به لمجرد أنك متزوج، وأن تبذل جهدا من أجل الشخص الذي قررت الارتباط به.
سادسا: لا تكفَّ عن الضحك مع شريك الحياة
نشرت "Science Daily" نتائج دراسة أجرتها جامعة "نورث كارولينا" تقول إن الضحك المشترك هو طريقة أخرى لتقوية الروابط بين الأزواج. دوَّن الباحثون آراء 77 ثنائيا متزوجا، وصف فيها كل منهما كيف التقيا لأول مرة، وسجلوا كيفية ضحك الزوجين معا وبشكل فردي، فوجدوا أن الأشخاص الذين أمضوا وقتا أطول في الضحك مع شركائهم شعروا بارتباط أقوى، وانتابهم إحساس أنهم أكثر شبها وانسجاما مع شركائهم، وازداد شعورهم بأنهم مدعومون من الشخص الآخر. لذا، لا تتردد في الضحك مع شريك الحياة، وانتهز منه ابتسامة، فالشركاء الذين يضحكون معا يستمتعون برفقة بعضهم بعضا، إذ كيف تشعر بالملل من شخص تستمتع حقا بوقتك معه؟!