في معظم الأسر يعيش الطفل الأوسط حالة تيه وضياع حيث لا هو في وضعية القيادة مثل الطفل الأكبر ولا هو في وضعية الاهتمام والتبجيل مثل الطفل الأصغر، ما يؤدي إلى اصابته بـ "متلازمة الطفل الأوسط"
وتشير إحدى الدراسات التي أجريت على عينة مكونة من أكثر من 350 طالبا جامعيا إلى أن الأولاد المتوسطين تكون علاقتهم بالأهل ضعيفة.
ووجه القائمون على الدراسة سؤالا لعينة البحث عن الشخص الذي يلجأون إليه عند طلب المساعدة، هل هم الآباء أم الأشقاء؟ وكانت إجابات الأبناء البكر وغيرهم، أنهم يلجأون إلى الأم أو الأب، في حين أن الأبناء المتوسطين اختاروا الإخوة والأخوات، واعتبروا كذلك الأصدقاء جزءا مهما من حياتهم بشكل أكبر من الأبناء البكر.
وفسّر القائمون على الدراسة هذا الأمر بأن الأبناء المتوسطين ربما قضوا وقتا أقل مع والديهم، وهو الأمر الذي ينعكس عليهم بأنهم أقل قربا منهم.
وأكدت الدكتورة هبة الشهاوي، أستاذة الطب النفسي بكلية الطب بجامعة عين شمس، أن الطفل الأوسط يكون عُرضة لهذه المتلازمة عندما يمنح الوالدان ابنهما الأكبر كثيرا من الاهتمام والتقدير، لأنه الابن الأول، ويدللون الابن الأصغر بدرجة كبيرة، في الوقت الذي لا يلقى فيه الطفل الأوسط نفس الاهتمام أو التدليل من والديه أو حتى الأجداد.
وأشارت الشهاوي إلى أنه من ضمن أسباب متلازمة الطفل الأوسط أن الوالدين غالبا ما يثقان في ابنهما الأكبر أكثر من الأوسط، ما يدفعهما إلى تكليفه ببعض المهام أو المسؤوليات.
وقالت الشهاوي “كثيرا ما يصطحب الأب أو الأم الطفل الأكبر عند الخروج أو الزيارات العائلية، في حين لا توكل للطفل الأصغر أيّ مهام ويتم التغاضي عن أخطائه في الغالب، بينما لا يحظى الابن الأوسط بنفس الثقة التي يحظى بها أخوه الأكبر، وربما يُعاقب إذا ارتكب نفس أخطاء أخيه الأصغر، ما يشعره بالاضطهاد”.
وأوضح الدكتور شاهين رسلان، أستاذ الصحة النفسية المصري أن الأم تكون قد اكتسبت خبرة من تربيتها للأكبر، فلا تبالغ في حمل الطفل الأوسط معظم الوقت، بل ربما تتركه حتى أثناء صراخه لأنها ترى أنها أخطأت في تعويد طفلها الأول على حمله طوال الوقت، وتحاول تجنب هذا الخطأ مع الثاني، وبالتالي يتكون لدى الطفل الأوسط صورة ذهنية سلبية عن أمه ويشعر بأنها لا تمنحه رعاية واهتماما كافيين، وتترسخ لديه هذه الصورة بولادة الطفل الأصغر.
ويشير أحمد الأبيض، اختصاصي في علم النفس من تونس، إلى أن الطفل الأوسط يعيش حالة تيه وضياع حيث لا هو في وضعية القيادة مثل الطفل الأكبر ولا هو في وضعية الاهتمام والتبجيل مثل الطفل الأصغر.
وقال الأبيض، “في هذه الوضعية يمكن أن يدخل الطفل في صراع مع أخوية ليثبت ذاته أو أن يبحث لنفسه عن شيء يلفت به الانتباه كأن يتميز في الدراسة أو يحرص على النجاح في مجال ما ويتموقع صمنه”.
ويؤكد الأطباء النفسيون أن علاج متلازمة الطفل الأوسط يتم داخل الأسرة، حيث إنه بإمكانها تحرير الطفل من أحاسيسه السلبية وذلك بمنحه نفس الاهتمام والثقة التي تمنح لشقيقه الأكبر.