رغم حرص الآباء أن يكون الحب الذي يكنّونه لأبنائهم متساويا، فإن الواقع يثبت أن ملايين الأشخاص شبّوا في بيئة أسرية تميز بعضهم على حساب بعض، ولأسباب تأخذ في الاعتبار السمات الشخصية، على غرار الجنس والسن ومدى التفوق الدراسي.
تقول الكاتبة سيغولين فورغار، في تقرير نشرته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، إن الحب الذي نكنّه لأطفالنا يرتبط بمجموعة عوامل، منها: الجنس والسن والتفوق الدراسي، لذلك فإننا لا نستطيع أن نحبّهم بالطريقة ذاتها، لكن الخطورة تكمن في أن يؤدي ذلك إلى تمييز في المعاملة بين طفل وآخر.
في هذا الشأن تقول عالمة النفس المتخصصة في مجال إدارة العواطف العائلية فلورنس ميو إن "المسألة ليست اختيارية، نحن لا نفعل ذلك قصدا، لا نختار من نحب ومن نكره".
وتشاطرها الرأي الفيلسوفة والاختصاصية النفسية العائلية نيكول بريور قائلة "هذا أمر خارج عن إرادتنا. كلنا نريد أن نحب أطفالنا بالقدر ذاته، لكن واقع العلاقات الأسرية ليس كذلك، وعندما يحدث ذلك نشعر حتما بالذنب".
وتضيف بريور، مؤلفة كتاب "الخيانات الضرورية-أن تكون تلقائيا"، أن معاملة الأطفال من دون تمييز شيء غير موجود في الواقع، لسبب بسيط هو أن "كل طفل مميز في نظر أبويه، ولديه مكانة خاصة، وقد جاء إلى أمه وأبيه في لحظةمميزة من حياتهما".
اللاوعي يتحكم في المشاعر
يفسر الاختصاصيون الشعور بحب أحد الأطفال بدرجة أقل مقارنة بإخوته بعزوه إلى اللاوعي. في هذا الصدد، تقولبريور "قد يرتبط ذلك بتاريخ العائلة وطبيعة العلاقة الزوجية، أو بقدوم الطفل في ظرف عصيب، مثل الإصابة بمرض أوتقلبات في العلاقة بين الأبوين، أو أثناء فترة طلاق".
وهناك بعض العوامل الأخرى مثل عدم نجاح الطفل في الدراسة، وهو ما يفرز أملا في نفوس الآباء، وقد ينتج عنه تمييزفي المعاملة مقارنة بإخوته.
وتضيف فلورنس ميو "في نظر الآباء، إذا كان الطفل مختلفا عنا، ويهتم بأمور وأنشطة مغايرة لاهتماماتنا قد يفرز ذلكبرودة في التعامل معه، تعطيه انطباعا بأننا لا نحبه".
وفي بعض الأحيان يمثل مزاج الطفل المتقلب مشكلة داخل العائلة، وتوضح ميو في هذا السياق "سبق لي في إحدى الجلسات العلاجية أن تعاملت مع أم لم تستطع تحمّل طفلها الصغير المشاغب لأنه يذكرها بوالده المسجون بتهمة السرقة".
وتختم الكاتبة بأنه بدلا من التركيز على مسألة حب أطفالنا بالقدر ذاته، ينبغي أن نعرف كيف نُظهر ذلك الحب للأطفال،وأن ندرك أننا نحبهم جميعا، لكن بطرق مختلفة.