اعتماد اللغة الأجنبية في التواصل مع الطفل.. هل تعبر عن الرقي أم الضياع؟

اعتماد اللغة الأجنبية في التواصل مع الطفل.. هل تعبر عن الرقي أم الضياع؟

في ظل الانفتاح وثورة المعلومات نلاحظ لجوء بعض أولياء الأمور العرب إلى استخدام اللغة الاجنبية في التواصل مع الأطفال معتقدين بأنها تعبير عن الرقي والانفتاح على الآخر، فما تاثير ذلك على الهوية؟

قالت المستشارة الأسرية دعاء صفوت إن تواصل الأسر العربية مع الأبناء باللغة الأجنبية ظاهرة سلبية، رغم أن كثيراً من الأسر تعتبر هذا الأسلوب نوعاً من الرقي والتحضر، خاصة مع دراسة الأبناء للمواد المدرسية باللغة الإنجليزية، وإغفال بعض المدارس أهمية اللغة العربية.

وأضافت أن المشكلة تكمن في أن اللغة تعد جزءاً لا يتجزأ من هوية الأطفال وتكوينهم الوجداني، وإذا لم تتأصل بداخلهم علاقة قوية مع لغتهم الأم، سيعانون من التشوش العاطفي وخلل في الهوية، وتؤثر سلباً في قدرتهم على التعبير حتى باللغات الأخرى.

وقالت صفوت: «حين لا يتمكن الطفل العربي من لغته العربية.. سيشعر طوال حياته باغتراب وفقدان القدرة على التواصل مع ذاته.. وسيضيع جزء من هويته الأصيلة ليتجه إلى تقليد غيره ثقافياً واجتماعياً».

ولفتت إلى أن بعض الأسر تبرر تواصلها بلغة أجنبية مع الأطفال بسبب ما يفرضه التعليم في المدارس، وهو أمر غير مقبول، مؤكدةً ضرورة الفصل بين بيئة المنزل والمدرسة، بحيث تكون لغة التواصل هي اللغة الأم في المنزل مهما كانت لغة التواصل خارجه.

ونصحت صفوت الأسر بتدارك هذه الظاهرة السلبية وتعويد الأبناء على النطق والحديث باللغة العربية، بتوجيه الطفل حين يتعلم بلغة أجنبية في المنزل بإعادة صياغة كلامه بالعربية حتى يتكون لديه مخزون من المفردات وتتطور قدرته على صياغة الجمل.

وأضافت: «في البداية قد يواجه الأهل بعض المصاعب.. إلا أنه مع التكرار والمواظبة سيستخدم الأطفال اللغة العربية حتى يصبحوا قادرين على إتقان اللغتين معاً.. وعلى العائلة ابتكار أنشطة مشتركة معهم مثل قراءة قصص بالعربية أو مشاهدة البرامج باللغة المبسطة».

من جانبها بينت الاختصاصية التربوية ياسمين محمد أن سبب توجه الأطفال للحديث والتواصل باللغة الأجنبية على حساب العربية يعود إلى سبب رئيسي هو بيئة المدارس والتعليم التي ترتكز على اللغة الأجنبية في كافة المواد، لافتةً إلى أن هذا التعلق باللغة الأجنبية سيف ذو حدين ومسألة يجب الاهتمام بها لتحقيق التوازن بين الهوية واللغة المنطوقة.

وأضافت أن التواصل بالإنجليزية وهي اللغة العالمية على سبيل المثال، داخل المنزل، له إيجابيات في توسيع نطاق المفردات المستخدمة التي يمكن للأهل تعلمها بشكل أسرع والتقاطها من الأبناء، وبالتالي يسهل عليهم التواصل مع الآخرين خارج نطاق المنزل الذي أصبح يستخدم الإنجليزية بشكل واسع.

وتابعت محمد أن تجاهل إيجاد التوازن بين اللغتين العربية والإنجليزية يدفع الأبناء للتشتت ويؤثر في طريقتهم بالتعبير عن أنفسهم بسبب اختلاف المفردات التي يملكونها وتشتتها بين العربية والإنجليزية.

الكاتب: سامي علي
المزيد