انتشرت ظاهرة جديدة لم تألفها السعودية من قبلُ، أخذت تنتشر في معظم مناطق المملكة، تتمثل بإطلاق أرقام على القبائل، اهتم بها الشباب بشكل أكبر من بقية الفئات.
ولا يوجد لهذه الظاهرة سند يؤكد أنها من العادات التي تلتزم بها القبائل، لكنها بدأت توضع في أماكن عديدة مثل المحال التجارية وعلى واجهات المنازل وزجاج السيارات.
وأخذ الشباب يعرّفون أنفسهم برقم قبيلتهم، وبه يتفاخرون أيضاً؛ وهو ما اعتبره مختصون يزيد من النزعة القبلية والتفاخر المؤدي إلى نزاعات ونتائج غير محمودة.
والسعودية بحكم موقعها وامتدادها تسكنها عديد من القبائل العربية التي تعود جذورها في هذه المنطقة إلى آلاف السنين.
وبعض هذه القبائل تنتشر ليس فقط بالسعودية بل في مختلف دول الخليج والعراق والأردن وسوريا وفلسطين واليمن، ومنها قبائل تمتد جذورها لتصل إلى أفريقيا.
واليوم بات لكل قبيلة من القبائل هذه في السعودية رقم تُعرف به، منها على سبيل المثال قبيلة عتيبة برقم 512، وقبيلة عنزة 601، وقبيلة شمر 555، وقبيلة قحطان 506، وغيرها من القبائل حيث لكل قبيلة رقم خاص بها.
لكن السؤال الذي يُطرح هنا، مفاده: من أين جيء بهذه الأرقام؟ والجواب أصبح معروفاً لدى جميع السعوديين اليوم وهو: أنها مأخوذة من وسوم الإبل.
فليس بجديدٍ القول إن المجتمع السعودي بشكل خاص والخليجي بشكل عام، مولع بتربية الإبل، التي لها أهمية خاصة؛ لكونها تمثل علاقة مترابطة مع تاريخ شعب المنطقة الذي اعتمد عليها منذ آلاف السنين في معيشته وحياته اليومية.
ظاهرة طارئة
وفقاً لما ذكرته صحيفة "الوطن" المحلية في تقرير لها، نفى المؤرخ عبد الله التنومي، أن تكون لهذه الرموز أو الأرقام أي جذور أو أساس في التاريخ.
وأضاف: "هي في طبيعتها لا تعدو أن تكون نتاج عصر جديد، وفكر بعض الشباب الذين يخترعون مفردات خاصة يرون أنها لازمة للتعريف بانتماءاتهم".
يؤكد التنومي أن "تحديد أرقام القبائل ووضع رموز لها هو عصر جديد من العنصرية وتفكيك لُحمة الوحدة الوطنية، بدأ في فكر بعض الشباب المنتسبين للقبائل العربية، وذلك من خلال وضع أرقام دالة على كل قبيلة".
ويرى أن "انتشار هذه الثقافة الذي يشبه انتشار النار في الهشيم، والتفاعل مع ترقيم القبائل وتصنيفها وكتابتها على المركبات يقود إلى ثقافة عنصرية غير مرغوبة".
ولفت التنومي إلى أن "هذه مشكلة تؤرق المفكرين منذ عدة سنوات، ولا يوجد إطار تربوي أو ديني أو اجتماعي موضوع يتعامل مع هذه الظاهرة لمحاولة قمع انتشارها".
وزاد: "لو وجدنا أسلوباً للتوعية مدروساً بعناية ويتناسب مع أفكار الشباب ويلامس مشاعرهم فقد نلمس نتائجه، وقد يجدي نفعاً في الحد من هذه الظاهرة ويقمع انتشارها"، مشدداً على ضرورة "التعامل مع هذه الظاهرة، وقمع تفشيها، ومنع آثارها السلبية، وتجنب استغلالها من قِبل المغرضين".