غزت مواقع التواصل الإجتماعي حياتنا بشكل هائل، فباتت من العناصر الأساسية والضرورية في نظام حياة الإنسان بفعل التطوّر التكنولوجي الكبير. وبما أنّ وجود مواقع التواصل الإجتماعي يزيد في حياة الإنسان، فمن الطبيعي أن تؤثر هذه المواقع وهذا العالم الإفتراضي بشكل جذري على حياة الأشخاص. انطلاقًا من هنا، نُلاحظ اهتمام العلم بمختلف جوانب وآثار مواقع التواصل الإجتماعي التي اعتُبرت مادة أساسية لكثير من الدراسات والإحصاءات المحلية والعالمية.
إن مواقع التواصل الإجتماعي في عصرنا أصبحت منتشرةً بدون رادع، فماذا يقول العلم والاحصاءت عن هذا الموضوع؟ إعرف هنا.
مدى انتشار مواقع التواصل الإجتماعي
بات من الصعب جدًا التأقلم مع نشاطات الحياة اليومية ومُتطلباتها من دون التعرّض إلى هذا العالم الإفتراضي واستخدام أدواته المختلفة. وبحسب Tracx.com، زادت نسبة مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي من العام 2016 حتى العام 2017 بحوالي 22%. ووصلت نسبة مستخدمي هذه المواقع إلى 2.8 مليار مستخدم في العالم. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا الإنفجار في استخدام مواقع التواصل الإجتماعي يعود بشكل من الأشكال إلى الطفرة الهائلة على صعيد استخدام الأجهزة الذكية.
وأظهرت دراسة أخرى نُشرت في العام 2017 أنّ موقع فايسبوك يحتل الطليعة بين مواقع التواصل الإجتماعي الأخرى، مع 1.8 مليون مُستخدم كل شهر. كما يتم تصنيفه كأحد أكثر المواقع استخدامًا في عدد كبير من الدول ويصل عددها إلى 119 دولة. مع العلم بأنّ هناك مواقع أخرى معروفة ومُنتشرة أيضًا كإنستغرام، لينكد إن، تويتر وغيرها... ويُعتبر موقع لينكد إن من المواقع التي زاد عدد مُستخدميها من عام 2016، وبشكل خاص في أفريقيا.
تُقابل هذه الزيادة، ارتفاعًا ملحوظًا في عدد مُستخدمي تطبيق إنستغرام، إذ وصل العدد إلى حوالي 600 مليون مُستخدم في كل شهر، في ظل انتشاره كثيرًا في 37 دولة. ولا ننسى أيضًا تطبيق فكونتاكتي الروسي الذي احتل الصدارة على صعيد روسيا وبعض الدول المُجاورة لروسيا بالطبع.
أمّا في الصين وبسبب منع استعمال مواقع فايسبوك، انستغرام وتويتر، فنجد حضورًا كثيفًا لموقع Qzone. وفي وقت يتفوّق تويتر على مواقع أخرى في اليابان، يحتل تويتر المرتبة الثانية في الولايات المتحدة الأميركية والدول الواقعة في غرب أوروبا. ومن اللافت أيضًا في هذه الدراسة تراجع شهرة وحضور موقع انستغرام في استراليا، كندا، نيوزلندا والدانمارك... ليرتفع عدد مستخدمي موقع ريديت فيها.
أمّا بالنسبة لمواقع التواصل المُفضلة والأكثر استخدامًا في العالم العربي، فأظهرت دراسة أجريت عام 2016 أنّ فايسبوك هو الأكثر استخدامًا في العالم العربي... إذ وصلت نسبة مستخدمي فايسبوك في الدول العربية إلى حوالي 86%. ويلي موقع فايسبوك موقع يوتيوب ثم تويتر وانستغرام، لنصل أخيرًا إلى موقع لينكد إن.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ مواقع التواصل اشتهرت بشكل خاص بعد أحداث "الربيع العربي". إذ ارتفعت نسبة الإقبال على مواقع التواصل الإجتماعس والإرتباط بها من أجل التعبير عن الرأي والتأثير بالرأي العام والضغط على الحكومات أيضًا. ويعتبر مُستخدمو مواقع التواصل الإجتماعي في العالم العربي بحسب هذه الدراسة، أنّ هذه المواقع لها العديد من الآثار الإيجابية على أكثر من صعيد. فهي بنظرهم تساهم في تحسين نوعية حياتهم الشخصية والمهنية بالإضافة إلى توفير إمكانية التعبير عن الرأي والتواصل مع الحكومات.
لكن في الوقت نفسه ينظر هؤلاء إلى مواقع التواصل الإجتماعي بشك وعدم ثقة، فعتبرون أنّ لها تأثيرات سلبية على عاداتهم وتقاليدهم العربية من جهة. كما انّها تُضعف عمليات التواصل إذ تُشجع على العزلة من الجهة الأخرى.
بعض الآثار السلبية لمواقع التواصل الإجتماعي
نظرًا لأهمية موضوع مواقع التواصل الإجتماعي، تتعدد الدراسات التي تتطرق إلى تأثيرات هذه المواقع على حياتنا. ما هي بعض هذه الآثار السلبية المُثبتة علميًا؟
- إنّ مواقع التواصل الإجتماعي تُسبب العزلة والوحدة بحسب دراسة أجريت في جامعة بيتسبرغ الأمريكية.
- التعرض الدائم لصور مثالية عن حياة الآخرين على مواقع التواصل الإجتماعي يزيد من الحقد والغيرة.
- الإستخدام اليومي للفايسبوك مثلًا يجعل المُستخدم عُرضة للإكتئاب والقلق وغيرها من الإضطرابات النفسية.
- تؤثر مواقع التواصل الإجتماعي على قدرة المُستخدم على التعلّم واكتساب معلومات جديدة.
- المساهمة في ضعف القدرة على التركيز وضعف الذاكرة.
إنّ مواقع التواصل الإجتماعي هي نعمة ونقمة في الوقت نفسه على مختلف الأصعدة. ولكن مع نمو عالم مواقع التواصل الإجتماعي بكثرة والإندماج كليًا في هذا العالم الإفتراضي، من المهم استخدام هذه المواقع باعتدال لتفادي التأثيرات المُحتملة على حياتنا... إذ للأسف بات التطوّر بمُختلف أشكاله يُفرّقنا عن بعضنا، يُضعف العلاقات الإنسانية ويُسمم حياتنا في كثيرٍ من الأحيان.