قبل المُباشرة بمُناقشة كيفيّة بناء ناطحات السّحاب، يجدُر بالذّكر أنّ هناك فرقٌ بين ناطحات السّحاب والأبراج. فناطحات السّحاب هي مباني، وكلّ المباني مُصمّمةٌ من أجل السّكن أو الإستفادة منها. وذلك بوضع أناساً في داخلها إن كان للعمل أو للعيش فحسب، أمّا البرج، فهو ببساطةٌ هيكل، طوله أكبر من عرضه وأهدافه ليست سكنيّة بالرّغم من أنّه يمكن إستخدامه لوظائف أُخرى.
هذا يعني أنّ ناطحات السّحاب هي من أدقّ ما يُبنى حالياًّ ومن أكثر المشاريع تعقيداً وصعوبةً لكي تُنتِج عِملاقاً يؤَمِّن كلّ أساليب الرّاحة والتّواصل، و يَأمُن السّكن والعمل فيه.
المواد الأوّليّة
تُبنى مُعظم ناطحات السّحاب، إمّا من الباطون المسلّح، أو من المعدن الصّلب والأعمدة الحديديّة. إنّ الباطون المسلّح هو عبارةٌ عن إسمنت، يُسكب حول قضبانٍ حديديّة مغطياً أساس المبنى بأكمله. تُشكّل القضبان الحديديّة داخل الباطون مصدراً يوفّر قوّةً إضافيّةً للخرسانة، وبالتّالي يُمكن للمبنى أن يصمد أمام أيّ خطر إنحناء ناجمٍ عن الرّياح القويّة.
تُعتبر إذاً، الباطون المسلّح أو المعادن الصّلبة والقضبان الحديديّة، بمثابة الهيكل العظميّ لناطحة السّحاب. أمّا ما بعد العظام العارية، تُستخدم الكثير من المواد الأخرى لتغطية ناطحة السّحاب من الدّاخل والخارج، مثل الزّجاج، الحيطان الفارغة (Drywall)، الألومنيوم، الغرانيت والرّخام.
تصميم ناطحات السّحاب
إنّ أوّل ما نلاحظه عند النّظر إلى ناطحات السّحاب هي مظهرها الخارجيّ المثير للإعجاب والدّهشة. ومع ذلك، تحت المنظر الخلّاب والزّجاج اللّامع والمُلفت، يقع فنٌّ آخر، فنّ الهندسة المعماريّة.
الأمر الأساسي الذي يتمّ دراسته أوّلاً من قِبل المهندسين هو قوّة الرّياح. وهذا لأنّ القوّة التي تُنتجها الرّياح القويّة هي أكبر من قوّة وزن المبنى بأكمله. لذلك على المهندسين دراسة قدرة التّحمل لدى المبنى عند تصميمه كي لا يكون عِرضةً للدّمار بسبب الرّياحٍ القويّة، وكي لا يميل بقوّةٍ تُسبّب الإزعاج للسكّان والشّاغرين.
إنّه من الطّبيعي والمُتوقّع أن تتمايل ناطحات السّحاب مع الهواء القويّ لبضعة أقدام. فبُرج خليفة مثلاً يصل ميوله لأكثر من مترين! ومَن يكون في الطّوابق الأعلى فيه يشعر بالتّمايل بطريقةٍ واضحة. لكن هذا لا يدعي للهلع، فتصميم المبنى يسمح بهذه الحركة بدون التأثير سلباً على قوّته ومدى ثباته. ويتمّ إختبار نماذج من ناطحات السّحاب الضّخمة في أنفاق الرّياح (Wind Tunnels) لفحص آثار الرّياح القويّة والأنماط المتغيّرة على هذه المباني الكبيرة.
عمليّة بناء ناطحات السّحاب
البُنية التّحتيّة، أو الجزء من المبنى الواقع تحت مستوى الأرض العادي، هو أوّل شيءٍ يتمّ بناؤه. هو ما سوف يدعم المبنى الذي يقع فوق الأرض كلّه لذا يُعتبر العنصر الأكثر أهميّةً في ناطحات السّحاب. بدون أساسٍ قويّ، لن يقف المبنى لمدّةٍ طويلة في وجه كلّ هذا الوزن الذي يحمله.
البُنية الفوقيّة تأتي بعد ذلك، وهو الجزء الأرضي وكلّ الطّوابق التي تأتي فوقه. يبدأ العمل بعد تأسيس البنية التحتيّة والهيكل العظمي الذي تحدّثنا عنه سابقاً، بوضع جدران في كلّ محيط المبنى وإرفاق خارجه بلوحاتٍ من المعدن والزّجاج والأحجار من أجل المنظر الخارجيّ والإغلاق الفعليّ.
أخيراً، داخلياً يشمل المبنى جميع الغرف والأدوات النّموذجية الموجودة في جميع المباني، مثل المراحيض ونظام صرف صحّيّ، الإضاءة لجميع الغرف والطّوابق، أنظمة التّدفئة، وغيرها من التّكنولوجيا الجديدة لجعل الإقامة فيها مرموقةً أكثر.
الأساسيات بإختصار
- يجب أن يكون هيكل ناطحات السّحاب قوياً بما يكفي لدعم وزنه الكبير.
- يجب أن تكون ناطحات السّحاب قادرةً على مقاومة الرّياح القويّة والزّلازل.
- يجب التّركيز على ميزات السّلامة الخاصّة، مثل كيفيّة التّعامل مع حريق، وسهولة الإخلاء الطّارئ.
- يجب أن يستطيع جميع البشر الدّخول وإستخدام ناطحات السّحاب (تأمين وسيلة للدّخول لذويّ الإحتياجات الخاصّة مثلاً).
- يتطلّب بناء ناطحة سحابٍ المعرفة والمهارة. كما يحتاج أناساً أكثر من المهندسين والمهندسين المعماريين، فيُشارك المُطوّرون والمُحاسبون والمُسوّقون والمُستثمرون وغيرهم الكثير أيضاً.