ميزانية الكويت تسجل عجز لاول مرة منذ 17 عاما وتلك هي التوقعات للعام القادم

ميزانية الكويت تسجل عجز لاول مرة منذ 17 عاما وتلك هي التوقعات للعام القادم

سجلت حكومة الكويت عجزاً في الميزانية لأول مرة منذ سبعة عشر عاماً بواقع 4.6 مليار دينار خلال السنة المالية 2015-2016. 

و بلغ العجز قبل تحويل مخصص لصندوق احتياطي الأجيال القادمة 13.4 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالخمس سنوات الماضية والتي حققت فائضا بلغ متوسطه 21 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ويعزى هذا العجز إلى الهبوط الحاد في أسعار النفط وإلتزام السلطات بتنفيذ مشاريع التنمية. ونتوقع تسجيل عجز مماثل في السنة المالية 2017-2016 بواقع 13 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في ظل استمرار تدني أسعار النفط. 

وتراجعت الإيرادات الحكومية للسنة الثانية على التوالي نتيجة تدني أسعار النفط  بصورة أساسية وذلك بواقع 46 ٪ خلال السنة المالية 2015-2016 لتستقر  عند 13.6 مليار دينار. وبلغ متوسط سعر خام التصدير الكويتي 43 دولارللبرميل في السنة المالية 2015-2016 متراجعاً بواقع 47 ٪ عن العام الماضى وشهد انتاج النفط في الفترة ذاتها ارتفاعاً طفيفاً بنحو 1.5 ٪ ليبلغ 2.9 مليون برميل يومياً. وقد تراجعت الإيرادات النفطية بواقع 46 ٪ لتصل إلى أقل مستوياتها منذ عشر سنوات عند 12.1 مليار دينار أو 35 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي. 

وتراجعت أيضاً الإيرادات غير النفطية بصورة ملحوظة في السنة المالية 2015-2016 إثر تعليق الدفعات العراقية عن سداد التعويضات المالية. ويعزى تراجع الإيرادات غير النفطية بواقع 38 ٪ إلى اتخاذ السلطات قراراً بشأن تأجيل ما تبقى من التعويضات المستحقة على العراق والتي تدفع عن طريق لجنة الأمم المتحدة للتعويضات والبالغة 1.4 مليون دينار وذلك حتى مطلع العام 2017 . بينما تحسنت بعض الإيرادات غير النفطية في السنة المالية 2015-2016 مسجلة ارتفاع بواقع ٪11 وارتفعت أيضاً الإيرادات المحصّلة من دخل الضرائب ودخل الجمارك والرسوم اللذان يشكلان ما يقارب 30 ٪ من إجمالي الإيرادات غير النفطية وذلك بواقع 41 ٪ و 9٪ على التوالي. 

وقد دفع تدني أسعار النفط الحكومة إلى خفض إنفاقها بشكل ملحوظ لا سيما في المصروفات غير الأساسية التي ليس لها تأثير يذكر على الاقتصاد المحلي. فقد تم خفض الإنفاق الحكومي بواقع 15 ٪ في السنة المالية 2015-2016 ليصل إلى 18,2 مليار دينار ليتراجع الإنفاق إلى أقل مستوياته منذ ست سنوات بواقع 76% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي. وجاء أكثر من نصف الوفر تلقائيا نتيجة تراجع تكاليف دعم اسعار الوقود والكهرباء بينما جاء الجزء الآخر من المدفوعات التحويلية للوكالات والهيئات الحكومية المستقلة. واستمرت الأجور والرواتب بالنمو ولكن بوتيرة أبطأ. وكانت مشاريع البنية التحتية الوحيدة التي شهدت تسارعاً في مستوى الإنفاق. 

ولم يثنِ تدني أسعار النفط الحكومة عن الالتزام بتنفيذ خطة الإنفاق الرأسمالي مع بلوغ وتيرة تنفيذها أعلى مستوياتها منذ عشر سنوات. فقد ارتفع الإنفاق الرأسمالي بواقع 13 ٪ في السنة المالية 2015-2016 ليصل إلى 2.1 مليار دينار نتيجة قوة نمو الإنفاق في مكون وسائل النقل والمعدات والتجهيزات )الباب الثالث( ومكون المشاريع الانشائية والصيانة والاستملاكات العامة )الباب الرابع(. ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى تحسن تنفيذ خطط الإنفاق مع ارتفاع نسبة المصروفات الفعلية من الميزانية إلى أعلى مستوياته منذ عشر سنوات عند 89 ٪. وبلغ الإنفاق على المشاريع الحكومية المدرجة تحت خطة التنمية 1.1 مليار دينار ما يعادل 86 ٪ من ميزانية السنة. 

ولا يزال معظم الإنفاق على مشاريع التنمية من خارج الميزانية، وترى تلك المشاريع تسارعا في التنفيذ. ويأتي تمويل مشاريع قطاع النفط ومشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص من خارج الميزانية وتتكفل كل من مؤسسة البترول الكويتية وشركاتها التابعة أو القطاع الخاص بالمصروفات. وقد تحسنت وتيرة تنفيذ تلك المشاريع بشكل كبير منذ العام 2013 وحتى الآن في العام 2016 وذلك وفق بيانات نشرتها "ميد" للمشاريع.


وبينما شهد الإنفاق الرأسمالي من الميزانية تسارع اً، تقلصت المصروفات الجارية بواقع 17 ٪ في السنة المالية 2015 - 2016 وذلك نتيجة تراجعات كبيرة في مكون المصروفات المختلفة والمدفوعات التحويلية )الباب الخامس( والتي تشمل رواتب العسكريين والمدفوعات التحويلية للتأمينات الاجتماعية ودعوم الوقود والمدفوعات التحويلية للخارج. وجاء معظم الخفض في المدفوعات التحويلية المحلية التي تراجعت بواقع 2.1 مليار دينار أو 27 ٪. فقد جاء التراجع نتيجة خفض الدعوم والمدفوعات التحويلية للخارج والمدفوعات التحويلية للمؤسسات الحكومية. 

وتباطأ نمو الرواتب والأجور للمدنيين قليلاً إلى 3 ٪ تماشياً مع سعي الحكومة على الحفاظ على ثبات وتيرة توظيف المواطنين. فقد حافظ هذا المكون على ثباته نسبياً على مدى الثلاث سنوات الماضية مقارنة بقوة نموه الذي شهده في الفترة بين السنة المالية 2008 - 2009 والسنة المالية 2012 - 2013 ما يعكس جهود الحكومة للتحكم بالنمو في هذا المكون وتيسير الضغوطات على الأوضاع المالية. 


ونتوقع أن يتم تسجيل عجز مالي آخر بنحو 13 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2016 - 2017 في ظل استمرار تدني أسعار النفط نسبياً وارتفاع الإنفاق الحكومي بصورة طفيفة. ولا نتوقع ان تشهد مستويات الإيرادات الحكومية تغيّراً يذكر عن العام الماضي لا سيما في ظل استمرار تدني أسعار النفط نسبياً عند متوسط 44 دولار للبرميل تقريباً. وعلى الرغم من ارتفاع الإيرادات غير النفطية بنحو 11 ٪ وفق توقعات الميزانية الرسمية إلا أن تأثير هذا النمو سيكون محدوداً. ونتوقع تراجع الإنفاق بواقع 2 ٪ لأسباب عديدة منها نتيجة قرار خفض كلفة دعم الوقود إبتداء من شهر سبتمبر والذي قد يوفر نحو 130 مليون دينار سنوياً على الحكومة.

الكاتب: أحمد كمال
المزيد