ماذا ينتظر الأسواق في الربع الأخير من العام؟

ماذا ينتظر الأسواق في الربع الأخير من العام؟

طوال الربع الثالث من عام 2018 كانت العوامل الرئيسية التي أثرت على الأسواق المالية هي الإجراءات الاقتصادية التي يتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وسياسات البنك المركزي الأمريكي، والاضطرابات في الأسواق الناشئة، وأسعار النفط، ومفاوضات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. أكد حسين السيد، كبير الخبراء الإستراتيجيين للسوق في FXTM، أنه سوف تستمر هذه العوامل في الهيمنة والتأثير على الأسواق خلال الربع الأخير المتبقي من العام، بالإضافة إلى انتخابات التجديد النصفي الأمريكية المقبلة حيث يمكن أن يؤدي أي تغيير محتمل في ميزان القوة إلى التأثير على قدرة ترامب على الحكم.

أسواق الأسهم الأمريكية قد تفوقت على بقية أسواق الأسهم في العالم حتى الآن هذا العام، ولكن العديد من الإشارات التحذيرية قد بدأت تومض باللون الأحمر. فمن الواضح أن الاقتصاد الأمريكي في المرحلة الأخيرة من الدورة الاقتصادية الحالية، ولكن لا توجد حتى الآن أي دلائل على حدوث كساد. كما أن التقييمات مفرطة للغاية مقارنة بالمعايير التاريخية، ومن المتوقع أن يقوم البنك المركزي الأمريكي برفع أسعار الفائدة أربع مرات حتى نهاية عام 2019. ونظرًا لأن أسواق الأسهم الأمريكية تبدو مسعرة وفقًا لتقييمات مرتفعة ومتفائلة بشأن المستقبل، سيؤدي حدوث أي مفاجآت سلبية إلى كتابة كلمة النهاية لأطول سوق صعودي في التاريخ.

وفي أسواق العملات، جذب سعر صرف الدولار الأمريكي قدرًا كبيرًا من الاهتمام على مدار الشهور العديدة الماضية، ولاسيما مقابل عملات الأسواق الناشئة والتي هبط الكثير منها إلى أدنى مستوياتها في عدة سنوات.

10 أرقام وتوقعات إيجابية عن ميزانية السعودية للعام المقبل

ويحمل البيزو الأرجنتيني بجدارة لقب أسوأ العملات أداء في عام 2018، حيث انخفضت قيمته بأكثر من النصف منذ بداية العام. وتأتي الليرة التركية في المركز الثاني في هذه القائمة حيث خسرت العملة أكثر من ثلث قيمتها. في حين هبط بدرجة أقل الراند الجنوب أفريقي والروبية الهندية والروبل الروسي حيث انخفضوا بأكثر من 10% حتى الآن.

العديد من هذه الاقتصادات عاملاً واحدًا أو أكثر من العوامل التي دفعت عملاتها نحو هذه الموجة من الهبوط، وتتمثل هذه العوامل في العجز الكبير في الحسابات الجارية، والاختلالات الخارجية، والنقص في احتياطي العملات الأجنبية، والمخاطر السياسية. ومع ذلك، فالدولار الأمريكي قد ارتفع أيضًا أمام نظراؤه من العملات الرئيسية ولاسيما عملات السلع. ونظرًا لمواصلة البنك المركزي الأمريكي تشديد سياسته النقدية بوتيرة أسرع من بقية بلدان العالم، ما تزال التوقعات على المدى القصير تصب في مصلحة الدولار الأمريكي القوي. ومن المرجح أن يبدأ هذا الاتجاه الصعودي في التلاشي عندما تسير البنوك المركزية الكبرى الأخرى على درب البنك المركزي الأمريكي، ولاسيما عند الأخذ في الاعتبار أن معظم العملات مقدرة بأقل من قيمتها الحقيقية من حيث تعادل القوة الشرائية.


ومن المرجح أن يكون الجنيه الإسترليني العملة الأكثر إثارة لاهتمام المتداولين خلال الربع الأخير من عام 2018. فصحيح أن عدم التوصل لاتفاق في مفاوضات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن أن يدفع الجنيه الإسترليني لأن يهبط بنسبة 10%، ولكن السيناريو المعاكس يمكن أن يؤدي لدفع العملة للارتفاع بنسبة 5%. وكانت القمة التي عقدت مؤخرًا في مدينة سالزبورغ قد أشارت إلى أنه ما يزال هناك الكثير من العمل الذي يلزم القيام به من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ومن المفترض أن تصبح العلاقة المستقبلية لبريطانيا مع الاتحاد الأوروبي واضحة بحلول نهاية أكتوبر أو مطلع نوفمبر، وسيؤدي أي خبر متعلق بالمفاوضات إلى خلق فرصة للتداول.

وفي الربع القادم من العام، يجب الاهتمام بشدة بمتابعة سياسات الولايات المتحدة، والتطورات التجارية، ومفاوضات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأسعار النفط. فهذه العوامل ستخبرنا بكل ما نحتاجه للتداول خلال الربع الرابع من عام 2018. وفيما يلي توقعاتنا للشهور الثلاثة المقبلة:

الرئيسي وراء الهبوط المؤلم للذهب وما يزال ذلك يظهر في حركة السعر.

نتجه صوب الربع الأخير من عام 2018، قد يواصل المستثمرون الابتعاد عن الذهب لمصلحة الدولار الأمريكي الذي أصبح العملة الأساسية والموثوق بها خلال أوقات الغموض التجاري العالمي. وكان الدولار الأمريكي قد نجح بالفعل هذا العام في سرقة جزء كبير من بريق الملاذ الآمن للذهب وسط ارتفاع المعنويات تجاه الاقتصاد الأمريكي. ويبدو أن المستثمرين ما يزالون مقتنعين بأن النمو الاقتصادي القوي يمكن أن يحمي الولايات المتحدة من التأثيرات السلبية لمخاطر التجارة العالمية، مما يدعم مكانة الدولار الأمريكي باعتباره أصل آمن للمستثمرين.

تلعب التطورات الجارية في الأسواق الناشئة دورًا مهمًا في تحديد المستوي السعري الذي سيكون عليه المعدن النفيس عند نهاية هذا العام. فالأسواق الناشئة هي أكبر مستهلك للذهب وفي ظل الانخفاض الشديد لقيمة عملاتها في الشهور الأخيرة تأثرًا بارتفاع الدولار الأمريكي، يمكن أن يؤدي ذلك إلى ضعف القوة الشرائية. ومما لا شك فيه أن ضعف القوة الشرائية يعتبر خبرًا غير سار للذهب ومن المرجح أن يؤدي إلى تفاقم ألم وجراح المعدن الأصفر النفيس. وسوف يتابع المستثمرون عن كثب أيضًا انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة والتي ستجرى في شهر نوفمبر المقبل تحسبًا لأي تغيرات محتملة في خطاب السياسة التجارية والتي قد تؤثر على المعنويات تجاه الدولار الأمريكي.


وستظل التوقعات بالنسبة للذهب على المدى القصير والمتوسط متأثرة تأثرًا شديدًا بأداء الدولار الأمريكي وتكهنات رفع أسعار الفائدة وما يستجد من تطورات في الأسواق الناشئة. أما التوقعات على المدى الطويل فسوف تعتمد على كيفية تطور التوترات التجارية العالمية الحادة. فإذا وصلت الخلافات التجارية إلى نقطة تحول خطيرة وأصبحت حربًا تجارية شاملة متبادلة، فربما يجد الذهب نفسه عندئذ قد عاد ليكون موضع جذب كبير للمستثمرين.

وبالتركيز فقط على التوقعات الفنية، فما يزال الذهب يبدو مكتئبًا ومكروهًا على الإطار الزمني الشهري حيث يتم تداول الأسعار بداخل قناة هبوطية. ويتم بشكل مستمر تكوين قيعان أدنى من القيعان السابقة وقمم أدنى من القمم السابقة منذ أن هبطت الأسعار تحت مستوى 1300 دولار النفسي في شهر مايو 2018. وفي ظل أن المعدن يتأهب لإنهاء الربع الثالث من عام 2018 تحت مستوى 1200 دولار النفسي، ما يزال الدببة يسيطرون بقوة. ومن المرجح أن يتحول الدعم الشهري السابق إلى مقاومة ديناميكية قوية وهو الأمر الذي يشجع على هبوط السعر نحو مستوى 1160 دولار و 1150 دولار على الترتيب.

 

الكاتب: رنا إبراهيم
المزيد