في السّنوات الأخيرة، نسمع أكثر وأكثر عن هذا الموضوع ويكثُر تداول كلمة أنتروبرنورشيب (Entrepreneurship)، نعم إنّها كلمة كبيرة لكن معناها سهل وهو إستعداد شخص معيّن أو مجموعة من الأشخاص على تنظيم، إطلاق وإدارة عمل أو تجارة جديدة. يُؤسّس الرّيادي أو المتّعهد كل الجوانب المتعلّقة بهذا العمل وتكون على الأرجح مهنة صغيرة (Small Business) أو شركة مُبتدئة (Startup Company)، هدفها بيع سلعة معيّنة أو توفير خدمة للزّبائن.
لكن يواجه الرّيادي مخاطر عديدة في هذا المجال إذ أكبر عدد من المقاولين في الفترة الأخيرة هم ما دون الثّلاثين من العمر ويواجهون مشاكل كثيرة مثل التّمويل المحدود، قلّة الخبرة أو حتّى الوضع الإقتصادي السّيء في البلد المقيمين فيه.
ريادة الأعمال عبر الزّمن
بدأت هذه العبارة بالإنتشار في مطلع القرن الثّامن عشر في فرنسا، وحدّد عُلماء الإقتصاد حينها مواصفات الرّيادي على أن يكون شخصاً يتمتّع بحسّ القيادة، يُبادر في أخذ القرارات المهمّة و عليه أن يكون خلّاق كي يُقدّم فكرة جديدة غير منتشرة في الأسواق ويتمكّن من تحويلها إلى مهنة مربحة. تطوّر هذا المجال في القرن العشرين خصوصاً بعد الأزمات الإقتصاديّة المتتاليّة التي أضعفت الأسواق وتركت التُّجار في حالٍ سيّئةٍ. بعد العام ٢٠٠٠، شهدنا تغيّرات ملحوظة إذ ظهرت جوانب جديدة في هذا المجال مثل ريادة الأعمال الإجتماعيّة (Social Entrepreneurship) التي لا تستهدف الرّبح المادّي فقط، بل تسعى نحو أهداف إجتماعيّة، بيئيّة أو حتّى إنسانيّة. كما رأينا إنتشار ما يُعرف بريادة الأعمال السّياسيّة (Political Entrepreneurship) التي تهدُف نحو الكسب السّياسي أيضاً. نُضيف إلى ذلك ما يُسمّى بالمُبادرة العمليّة الداخليّة (Intrapreneurship) وهي مجازفة تخوضها شركة معيّنة كي تدخل في مجال تجاري لم تستثمر به من قبل.
بعد كل هذه التّطوّرات و مع دخول العالم في زمن تنتشر فيه الأجهزة الإلكترونيّة و الإنترنت، كثُرت فرص العمل وزاد عدد روّاد الأعمال في كل المجالات، لا فقط في قطاع التّجارة والصّناعة، بل توجّه الرّواد الجدد نحو تطوير التّطبيقات الإلكترونيّة.
ريادة الأعمال في العالم العربي
ما زالت هذه المبادرات خجولة في البلاد العربيّة مقارنةً مع دول الغرب، إذ إن المتعهّد يواجه مخاطر عديدة عندما يُطلق مشروع أو مؤسّسة معيّنة أصلاً، فكيف إذا تضاعفت هذه المخاطر وكثُرت الصّعوبات أمامه لأسباب مختلفة. تشهد دول الشّرق الأوسط تقلّبات سياسيّة وعسكريّة عديدة ما يؤثّر طبعاً على الحالة الإقتصاديّة، ومع غلاء المعيشة والصّراعات الدّاخليّة المتعدّدة يَصعب على الرّواد أخذ المبادرة وإطلاق مؤسّساتهم. كما أن في العديد من البلاد العربيّة يَغيب الدّعم الرّسمي من الحكومة ويجد الشّخص نفسه متروكاً ليواجه المنافسة الشّديدة. نُضيف أيضاً بأن طلّاب الجامعات الذين أنهوا دراستهم عالقون في دوّامة الدّين المتوجّب عليهم للجامعة وهكذا يكون التّمويل نحو أعمالهم الجديدة محدودًا جدّاً ما يعرّضه لخطر الفشل.
دراسات
تُشير آخر الدّراسات أن مصر و المغرب هما أكثر دولتين عربيّتين حاضنتين للأعمال والمؤسّسات الجديدة التي يُطلقها روّاد الأعمال، تتبعهما الإمارات العربيّة المتّحدة وأكثر الشّركات المبتدئة تتوّجه نحو القطاع الإلكتروني وتتخصّص في تطوير تطبيقات هاتفيّة أو بناء مواقع إلكترونيّة. وهذه الدّراسات نفسُها تضع لبنان والسّعوديّة في خانة البلدان الأضعف في مجال الأعمال الجديدة والمهن الصّغيرة ويعود ذلك بجزءٍ كبيرٍ لضعف الوضع الإقتصادي في هذه الدّول وقساوة القوانين المتعلّقة بالأعمال والمهن الحرّة.