يتألّف الغاز الطّبيعي بشكلٍ أساسيّ من مادّة الميثان ويتشكّل عندما تتعرّض طبقات من الحيوانات والنّباتات المتعفّنة إلى ضغطٍ وحرارةٍ عاليَتين على مدى عصور عديدة تحت سطح الأرض. ينتمي هذا الغاز إلى مجموعة الوقود الأحفوري إلى جانب البترول والفحم الحجريّ ويُستعمل في مجالات التّدفئة، الطّبخ وإنتاج الكهرباء، كما يُستخدم كوقود للسّيارات وفي صناعة البضائع البلاستيكيّة.
ينتشر الغاز الطّبيعي في كل أرجاء العالم وفي معظم الأحيان نجده قرب مخزون للبترول لكن يختلف عن هذا الأخير فيما يتعلّق بآليّة خلقه إذ يُصنَع الغاز من خلال عمليَّتين مختلفتين تماماً، تُعرف الأولى بإسم الخلق الحيويّ (Biogenic) التي تشمل كائنات مُنتِجة للميثان تتوزّع في المستنقعات والرّواسب السّطحيّة على عكس الوسيلة الثّانية المعروفة بالخلق الحراري (Thermogenic) التي تتركّز في الأماكن العميقة نسبيّاً حيث الحرارة والضّغط هما العاملَين الأساسيَّين في تحويل المواد العضوية المدفونة إلى غازٍ طبيعي.
يختلف الغاز الخام بشكلٍ كبيرٍ عن المواد المنتشرة في الأسواق إذ يمرّ الغاز المُستخرج حديثاً بعمليّات تطهير تنزع منه الشّوائب المتشكّلة كالماء، والبروبان، والبوتان، وثنائي أكسيد الكربون والهيليوم.
تجارة الغاز العالميّة
إستعمل الصّينيّون الغاز الطّبيعي لأوّل مرّة قبل أكثر من ٢٥٠٠ سنة من خلال إمدادات من الخيزران بهدف تسخين مياه البحار لإستخراج الملح منها. أمّا اليوم، تختلف الآراء وتتضارب المعلومات حول هويّة الدّولة التي تمتلك الإحتياط الأكبر من الغاز، إذ تُرجّح وكالات الطّاقة العالميّة تفرُّد روسيا في الصّدارة لكن ظهرت بعض الدّراسات التي تؤكّد تفوّق إيران على كل منافسيها.
على مستوى التّصدير، تحتل روسيا المركز الأوّل بشكلِ مؤكّدِ مع أكثر من ١٨٠ مليار متر مكعّب كل سنة، تتبعها الدّول العربيّة مع ١٥٠ مليار متر مكعّب، أمّا بالنسبة للإستيراد، يتصدّر الإتّحاد الأوروبي اللاّئحة مع ٤٥٠ مليار متر مكعّب وفي المركز الثّاني ألمانيا واليابان مع ما يُقارب ١٠٠ مليار متر مكعّب من الغاز.
إنتاج الكهرباء من الغاز الطّبيعي
يُعدّ الغاز الطّبيعي من أهم مصادر إنتاج الطّاقة الكهربائيّة مع ما يفوق ٢٢% من الإنتاج العالمي وهي كميّة كبيرة مقارنةً بالفحم الذي يُنتج ١٢% تقريباً. أبرز الوسائل المُستخدمة في عالم اليوم تتضمّن توربينات بخاريّة أو غازيّة كما نشهد تقدّم كبير في استعمال الغاز مع مصادر الطّاقة المتجدّدة كالطّاقة الهوائيّة أو الشّمسيّة إذ نلاحظ أفضل فعاليّة في إنتاج الكهرباء عندما يرتبطان نوعان من التّوربينات ببعضهما فيما يُسمّى الدّوران المشترك وهي الوسيلة الأفضل من ناحية حماية البيئة. قد تؤمّن التّكنولوجيا المعروفة بخليّة الوقود (Fuel Cell) وسيلة أنظف لإنتاج الكهرباء لكن ما زال تطبيقها مُكلف نسبيّاً لذا يتوجّه إهتمام الشّركات الكبرى نحو الغاز الطّبيعي الذي يُصدر إنبعاثات مضرّة قليلة مقارنةً بالفحم أو البترول.
المخاطر البيئيّة
تتعدّد الأضرار البيئيّة المتعلّقة بالغاز الطّبيعي على الرّغم من مستوى الإنبعاثات المنخفض مقارنةً بمصادر الطّاقة الأخرى والمذنب الأكبر هو الميثان الموجود بكثافة في الغاز. خلال عمليّات الإستخراج والنّقل، تكثُر الحوادث والتّسريبات ما يؤدّي إلى إطلاق كميّة كبيرة من الميثان في الهواء وهو أخطر بكثير من ثنائي أكسيد الكربون بسبب تأثيره القويّ والسّلبيّ على المناخ إذ يرتبط مباشرةً بموضوع الإحتباس الحراري. علاوةً على ذلك، لقد سُجّلت إنبعاثات لمواد خطرة أخرى مثل أوّل أكسيد الكربون، ثاني أكسيد الكبريت وأكسيد النّيتروجين.
إذاً من المهم الإستمرار بالسّعي نحو مصادر نظيفة ومتجدّدة للطّاقة بهدف حماية كوكب الأرض و البشر وتأمين مستقبل أفضل للأجيال القادمة.