عندما نَذكُر موضوع الطّاقة النّوويّة تتّجه الأفكار نحو الدّمار والحرب لكن على الجميع أن يعلم الجانب الآخر من هذه التّكنولوجيا، الجانب الذي ساهم في السّنوات الأخيرة بتطوير مجالات واسعة في عالم الطّب وعالم الطّاقة. تَحمُل الطّاقة النّوويّة مستقبل إنتاج الكهرباء بطريقة نظيفة ومتجدّدة نوعاً ما، لكن ما زالت حتّى اليوم محدودة نسبيّاً وتنتشر في بلدانٍ معيّنةٍ لأسباب عديدة أبرزها التّكاليف العالية المرتبطة ببناء المُفاعلات على الرّغم من الحسنات الكثيرة التي تُشجّع على إستغلالها.
يتطوّر هذا المجال بطريقة سريعة فهو اليوم مسؤول عن إنتاج أكثر من ١٦٪ من الكهرباء العالميّة لكن ما زال يَشهد مواجهة مضادّة من منظّمات عالميّة أبرزها منظّمة غرين بيس (GreenPeace) البيئيّة التي تُشدّد على الخطر الذي يُحدّق بالبشر والطّبيعة القريبين من المعامل النّوويّة ومن بإمكانه لومهم؟ حتّى بعد ٣١ سنة تقريباً، ما زالت شرنوبيل مدينة أشباح بعد الكارثة التي وقعت هناك بفِعل التّأثير الإشعاعيّ الموجود حتّى اليوم، بالإضافة إلى الفاجعة النّوويّة التي وقعت في فوكوشيما اليابانيّة عام ٢٠١١ بسبب التّسونامي النّاتج عن زلزال.
إنتاج الكهرباء من الطّاقة النّوويّة
تُنتَج الطّاقة النّوويّة من خلال التّفاعلات النّوويّة التي تنقسم بين الإنصهار النّووي (Nuclear Fusion)، الإنشطار النّووي (Nuclear Fission) والإنحلال النّووي (Nuclear Decay)، وتُطلِق هذه التّفاعلات حرارة عالية تُستَعمل بطريقة مباشرة لتفعيل التّوربينات البخاريّة التي بدورها تُنتِج كهرباء، كلّ هذا نتيجة تعرّض ذرّات اليورانيوم لضربات متتالية من النيوترونات (Neutrons). نَستنتج إذاً أن التّقنيّة التي تُستَخدم هنا هي نفسها الموجودة في معامل الوقود الحجريّ لكن استُبدِلت أفران الفحم بفرن ذرّي معزول كليّاً عن العالم الخارجي للحدّ من التّسرّب الشّعاعيّ النّاتج عن هذه العمليّة ما يسمح بتصنيفها كطاقةٍ نظيفةٍ.
تُشبَّه مادّة اليورانيوم بالوقود إذ تُستَخرج أيضاً من تحت سطح الأرض، تُعالَج و تتحوَّل إلى مُكوِّن مُستقر، مُتراص ومُخصّب على شكل قضيب يُناسب حجمه وشكله الآلات الموجودة داخل المفاعل المحدّد. يُستَعمل هذا العنصر خلال ٣ دورات تشغيليّة يُنقَل من بعدها إلى مخزن مؤمّن حيث يتحلّل على مدّة ٥ سنوات.
المشاريع النّوويّة المستقبليّة
يُنتِج الإتّحاد الأوروبي وكوريا الجنوبيّة ٣٥% من الطّاقة الكهربائيّة من خلال المفاعل النّوويّة، تتبعهم اليابان بنسبة ٣٠٪ تقريباً، لكن نلحظ تقدّم كبير في هذه الأرقام على مستوى العالم لعدّة أسباب أبرزها كميّة الوقود النّوويّ القليلة مقارنةً بالفحم والبترول والكافية لإنتاج ما توَلّده ملايين البراميل النّفطيّة أو ملايين الأطنان من الوقود الصّلبة. وعلى الرّغم من المعارضة المُستمرّة، تتّجه معظم الدّول نحو هذا النّوع من الطّاقة بعيداً عن الأساليب الإعتياديّة التي أدّت وما زالت تؤدّي نحو كارثة مناخيّة سببها الإحتباس الحراري. من أبرز تلك البلاد نَذكُر:
الولايات الأمريكيّة المتّحدة
تتوزّع على الأراضي الأمريكيّة ١٠٤ مفاعل نوويّة، وهو الرّقم الأكبر عالميّاً، كما تُخطّت الدّولة لإنشاء ٣٢ آخرين.
فرنسا
تعمل على تطوير مُفاعل جديد وتخطّط لبناء مُفاعلَين آخرين مع العلم أنّها تمتلك ٥٩ معملاً.
اليابان
ستُضيف الدّولة ١٦ معملاً جديداً على المفاعل العاملة حاليّاً وعددها ٥٣.
مصر
هي الدّولة العربيّة الوحيدة التي تمتلك مُفاعلَين فاعليَّين وتسعى لإنشاء الثّالث.
المملكة العربيّة السّعوديّة
أعلنت المملكة أنّها ستمتلك ١٦ معملاً في عام ٢٠٣٠ بعدما أسّست هيئة خاصّة للطّاقة النّوويّة تُعرَف بإسم مدينة الملك عبدالله للطّاقة الذّريّة والمتجدّدة.
نُضيف أيضاً إلى هذه اللّائحة دوَل أخرى كالصّين والهند والإمارات العربيّة المتّحدة كما أكّدت الوكالات العالميّة للطّاقة النّوويّة على إستحداث أكثر من ٢٠٠ مُفاعل في كل العالم مع حلول العام ٢٠٥٠.