فايكنج: القراصنة الإسكندفيون

فايكنج: القراصنة الإسكندفيون

كانوا من المحاربين الشّرساء، من أفضل من بنى سفن في عصرهم، مِن أفضل التّجار ومن أغرب من مارس طقوساً وتقاليد عجيبة. إنهم الفايكنج، شعوبٌ جرمانيّة قديمة ونوردية، عُرفوا بوحشية قتالهم، وطموحاتهم الكبيرة بالإحتلال. كما ملئ التاريخ بأخبارٍ عن قوّتهم، وعن هجماتهم على سواحل أوروبا وإحتلال أجزاء من بريطانيا في تلك الحقبة، ليسرقوا ثرواتهم ومحاصيل طعامهم وأخذ منهم للإستعباد من نساءٍ ورجال. ولكن بالرّغم من سمعتهم المشكوك بإيجابيتها، إعتنقوا الدّين المسيحي خلال مدّةٍ لا تتجاوز السّنتين، أقاموا هِدنة مع المناطق التي كانوا يهاجموها واستقرّوا فيها لتختفي حضارتهم دون أن تباد أو تُجبر.

من هم الفايكنج

فايكنج

شملت الدّول الإسكندنافيّة كلّ من السّويد والدّنمارك والنرويج وآيسلندا ليتلقى عليهم إسم الفايكنج و تُترجم كلمة فايكنج من لغة الأصليّين إلى كلمة قرصان، وغالباً ما كانت القرصنة جزءاً لا يتجزأ من حضارتهم. ولكن لم يقتصر الأمر على هذا فحسب طبعاً، فبالنّسبة للنّسيج الإجتماعي، كانت حضارة الفايكنج تتّكل على الزّواج بين إمرأة ورجل لبناء صِلاتٍ لدى الطّبقات الإجتماعية المماثلة، كما إرتكزت على القتالات الدّموية للحلول الأقلّ دبلوماسيّة. إعتمد إقتصاد الأمّة ككلّ بشكلٍ كبير على الإستعباد والتّجارة بالبشر. كون مناخهم قاصي، كان السّكان يزرعون أو يصطادوا الأسماك من أجل الإستهلاك المباشر أو التّجارة بها وكانوا يدفعون الضّرائب إلى الطّبقة الحاكمة، وقليلاً ما كانت تقوم الخلافات بسبب الفرق الطّبقي، فإذا زادت ثروة العائلات الحاكمة، زادت رفاهيّة وحسن عيشة السّكان الأحرار.

أديان حضارة الفايكنج

فايكنج

ما قبل اعتناقهم للدّين المسيحي، كان شعب الفايكنج يؤمن بعدّة آلهة مثل ثور (Thor) إله الرّعد، وبالدر (Baldr) إله الضّوء والأشهر أودين (Odin) إله الآلهة والحرب. وإعتقد الفايكنج أنّ موتهم في المعركة وبشكلٍ بطوليّ سيخولّهم إلى الذهاب إلى فالهالا (Valhalla) وهي مثل الجنّة المخصّصة لشعبهم، حيث يعزمهم أودين بنفسه إلى العشاء معه في قصره داخل أرض الآلهة. ولكن لكلّ ميثولوجيا أشرارها، ومن يتحدّى آلهة النورديين هم عمالقة يقودهم الإله لوكي (Loki)، أمّا بالنّسبة للنّبؤة فستتمّ معركةً تُدعى راجناروك (Ragnarok) حيث يفوز في نهايتها الأخيار وحلفاء الفايكنج.

النظام الإقتصادي للفايكنج

فايكنج

بالرّغم من قِصر مدّة الفترة التي تنتج محصولاً زراعياً، كان هذا الوقت كافياً للفايكنج لزراعة محصولهم الشّخصي من الحبوب والمزروعات للأكل في أيام الشّتاء أو الصقيع القارس، لكن ما ساعد إقتصاد اسكندنافيا بشكلٍ كبير كان صيد السّمك والتّجارة عبر البحر (خصوصاً بالأسماك والمأكولات والمنتجات البحريّة) وذلك لأن معظم السّكان كانوا يمضون أيّامهم جانب البحر من أجل طقسٍ معتدلٍ أكثر. وكان السّوق الأوروبّي يتبادل معهم السّلع عبر بحر الشّمال وبحر البلطيق وذلك يشمل المواد الخام من أحجار وخشب وفرو وحتى من الأناس المستعبدين.

غزوات القراصنة الإسكندنفيين

فايكنج

لم يُعرف السّبب المؤكّد وراء غزوات الفايكنج فالبعض حلّل أن تغيّر الأنظمة الملكيّة في أرضهم كانت إحدى الأسباب المحفّزة على الهجمات، أما البعض الآخر إعتقد أن التّجار الذين يأتون من تلك البلاد رَوَو للفايكنج عن الثّروات الموجودة في أوروبا مما حمّس الأخيرين على الهجوم، أمّا البعض الآخر يعتقد أن الغزو والإحتلال والسّرقة والإستعباد كانت جزء من ثقافتهم ودينهم وإيمانهم ولذلك اعتمدوا هذه الطّريقة حتى تغيّر دينهم إلى دينٍ يبشّر بعكس ذلك.

بدأت هجمات الفايكنج على أوروبا، وبدأوا بغزو إنجلترا بين عام 780 والعام 800 وذلك يأتي من سجلات الإنجليز (Anglosaxon)، فاقتحموا ديراً في منطقة ليندسفارن وقتلوا كل الرّهبان وسرقوا كل الثّمائن من ذهب وطعامٍ وغيرها. وشكّل هذا الهجوم بالتّحديد بداية عصر الفايكنج الذي بدأ في عام 793 وإنتهى في عام 1066. وتضمّنت هذه الحقبة المئات من الهجمات على كافّة الشّطوط الأوروبية من إنجلترا حتى فرنسا.

فايكنج

انتهت هذه المشاكل بإعتناق حضارة الفايكنغ الدّين المسيحيّ والإنخلاط بالحضارات الأخرى والتّزوج من عروقهم والتّركيز على التّجارة مما ضمن استمراريتهم لو بالطّريقة الغير تقليديّة بالنّسبة إليهم.

الكاتب: نزار زغيب
المزيد