انتشرت في الآونة الأخيرة فكرة الزواج عبر الإنترنت من خلال عرض معلومات محددة عن فتيات، على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بحثاً عن الشباب الراغبين في تكملة نصف دينهم، فيما يُستخدم الإنترنت أيضاً في عقد القران عن بُعد... فما مدى تقبل شعوب الخليج لهذه الفكرة؟
جدل
أحدث الزواج عبر الإنترنت أزمة في السعودية مؤخراً، بعد عرض مركز الجوف التخصصي الحكومي في المملكة 30 فتاة يرعاهن القائمون على المركز، للزواج من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
وجاء في الإعلان: "لدينا في مركز الجوف التخصصي أكثر من 30 فتاة من 20 إلى 40 سنة من ذوات الإعاقة البسيطة والقادرات على الزواج وإعمار البيت، فليبارك الله من يسعى لسترهنَّ وتوفيقهن مع إدارة المركز".
ويعد ما عرضه المركز التابع لـ"وزارة الموارد والتنمية الاجتماعية" في المملكة، تبنّياً رسمياً لهذه الطريقة الجديدة في الزواج عبر الإنترنت، خاصة في ظل ارتفاع نسبة العنوسة بالسعودية، لكن الخطوة لاقت رفضاً وانتقادات واسعة في البلاد.
وبشكل عام تعاني دول الخليج العربي تنامي ظاهرة العنوسة لأسباب عدة، لعل أحدها الزواج بغير الخليجيات.
وتبلغ نسبة العنوسة بين السعوديات نحو 10.07%، فبين كل 10 من الإناث السعوديات اللاتي بلغن 15 سنة وأكثر، تشير الأرقام إلى أن هناك واحدة يمكن أن توصف بأنها بلغت سن العنوسة.
كما تصل نسبة الإناث السعوديات من إجمالي السكان السعوديين إلى 49.01%، إضافة إلى أن عدد الإناث السعوديات اللاتي بلغن 15 سنة وأكثر في المملكة هو 2.261.946، أي أكثر من إجمالي السكان السعوديين بنسبة 34.12%.
أما عدد الإناث اللاتي تزوجن عند أعمارٍ أقل من أو تساوي 32 سنة فبلغ نسبة 97.2%، فيما وصلت نسبة الإناث السعوديات اللاتي تزوجن عند أعمار تزيد على 32 سنة إلى 2.8%.
ولم تلقَ تلك الطريقة التي استخدمها المركز الحكومي السعودي قبولاً في الشارع، حيث هاجمها عديد من السعوديين والسعوديات، وهو ما جعله يذهب إلى حذف الإعلان.
وعقب ما أحدثه العرض عبر الإنترنت، أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية، الخميس (5 نوفمبر)، بدء التحقيق في حقيقة التغريدة المثيرة للجدل، والمنسوبة إلى المركز والقائمين عليه.
وقالت الوزارة في حسابها الرسمي على "تويتر": "إشارة إلى ما تم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي، حول أحد المراكز التابعة لفرع منطقة الجوف، جارٍ التحقق من ذلك لاتخاذ الإجراءات اللازمة حسب الأنظمة المتبعة".
كورونا والزواج عن بعد
في الإمارات أتاحت وزارة العدل خدمة الزواج عن بعد وهي التي تجمع المأذون والعريس والعائلة عبر شاشة الفيديو، ولكن ليس بالطريقة التي تم عرضها وفق المركز الحكومي السعودي، بل بسبب إجراءات السلامة مع انتشار جائحة كورونا، ووفق علاقة حقيقية بين الطرفين.
وتؤكد وزارة العدل الإماراتية، أن "الهدف من الزواج عبر الإنترنت هو المحافظة على الصحة العامة وسلامة المتعاملين والعاملين في المحاكم الاتحادية بالدولة، ومن أجل الحد من حضور المتعاملين إلى المحاكم وتسهيلاً على المواطنين والمقيمين في إتمام معاملاتهم الشخصية، القانونية والقضائية، في ظل الأوضاع الحالية، وذلك بالاعتماد على نظام العدالة الذكي".
فكرة نبيلة
الخبير التربوي والنفسي الدكتور جميل الطهراوي، يؤكد أن الزواج عبر الإنترنت عادة جديدة وغريبة على المجتمعات الخليجية، ولكن تحتاج وقتاً لكي يتقبلها المجتمع وتصبح سمة عادية فيه.
وتعود أسباب عدم تقبُّل الخليجيين لفكرة الزواج عبر الإنترنت في بدايتها، كما يوضح الطهراوي، إلى العادات والتقاليد التي تربط تلك المجتمعات، ووجود خطوات أصيلة للزواج، مع حفظ مكانة المرأة في تلك الخطوات.
كما يوجد سبب آخر لعدم قبول فكرة الزواج عبر الإنترنت، وفق الطهراوي، وهو وجود تخوُّف لدى كثير من الراغبين في الزواج من تعرضهم للخداع وعدم تطابق المواصفات المعروضة مع الواقع عند إتمام الزواج.
ويضيف: "يعد الزواج عبر الإنترنت طريقة سهلة وسريعة في الزواج، خاصة مع ارتفاع نسب العنوسة ببعض دول الخليج ومنها السعودية التي بها أعلى نسبة من الفتيات اللاتي لم يتزوجن بعد".
ومن حق المجتمع، كما يرى الخبير التربوي والنفسي، رفض فكرة الزواج عبر الإنترنت في البداية، ولكن في حال تمت تلك الفكرة بشكل جيد ومنظم فمن الممكن إيجاد قبول لها في تلك المجتمعات، لكون الزواج فكرة نبيلة من الأساس.