توصلت دراسة أميركية في تحديد الأماكن التي تشكل بيئات خصبة لانتشار عدوى فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19، وهو ما يقدم مزيدا من الحلول للحد من تفشي الوباء بعد رفع إجراءات الإغلاق.
وفي تقرير نشرته صحيفة "لوفيغارو" (Le Figaro) الفرنسية، قال الكاتب فانسون بوردوناف إن الدراسة التي نشرت في مجلة "نيتشر" (Nature) جمعت بيانات تنقل ملايين الأشخاص في عدد من المدن الأميركية خلال الموجة الأولى من الجائحة لتحديد بؤر انتشار العدوى.
وقام فريق من الباحثين -بقيادة سيرينا تشانغ من جامعة ستانفورد- بتحليل بيانات تحركات 98 مليون أميركي بين أماكن إقامتهم والمحلات التجارية المختلفة التي يرتادونها. ونظرا لأن الدراسة ركزت على مستخدمي الهواتف المحمولة، فلم يكن من الممكن رصد معدلات انتقال العدوى داخل المدارس ودور رعاية المسنين.
وخلصت الدراسة إلى أن بؤر العدوى مرتبطة بأماكن محددة، ومن أبرزها المطاعم، ثم الصالات الرياضية والمقاهي والحانات والفنادق. ويقدر مؤلفو الدراسة بأنه لو أعيد فتح المطاعم في مدينة شيكاغو في الأول من مايو/أيار الماضي من دون أي قيود؛ لأدى ذلك إلى ما يقارب 600 ألف إصابة إضافية بفيروس كورونا.
كما وجدت الدراسة أن الأحياء الأكثر فقرا كانت الأكثر عرضة لانتشار المرض. وفي هذا السياق، يقول بيريك ترانوي -الباحث في مختبر ليتيس بجامعة روان نورماندي- "إن سكان هذه المناطق لديهم قدرة أقل على العمل عن بعد، لذلك هم يواصلون الذهاب إلى أماكن يرتادها الجميع، وغالبا تكون أكثر اكتظاظا وخطورة".
ويضيف ترانوي أنه "بمجرد تعرض سكان هذه المناطق للعدوى فهم ينقلونها إلى أحيائهم في الضواحي. وتظهر بيانات الهاتف أيضا أنهم يقضون وقتا أطول في محلات المواد الغذائية، مما يزيد معدل احتكاكهم مع الآخرين وخطر انتشار العدوى".
وكان من بين العوامل الرئيسية لانتقال الفيروس حسب الدراسة، الوقت الذي يقضيه الناس في المحلات التجارية وعدد الأشخاص الذين يلتقونهم، ناهيك عن الجلوس معا على الطاولة لتناول الطعام من دون ارتداء كمامة.
وترى فيتوريا كوليزا -المتخصصة في النمذجة ومديرة الأبحاث في المعهد الوطني الفرنسي للصحة والبحث الطبي- أن مثل هذه الدراسات التي تقوم على الملاحظة دقيقة إلى حد كبير.
وتضيف كوليزا أنه من المعروف على نطاق واسع أن الأماكن التي لا تطبق فيها قواعد التباعد الجسدي تشكل أخطر بؤر انتشار الفيروس، لكن رغم ذلك تبقى مثل هذه الدراسات مفيدة -حسب رأيها- في تحديد المخاطر بدقة، والمساعدة على اتخاذ القرارات المناسبة عند رفع إجراءات الإغلاق.