اختفاء "الغبقة"..كورونا يحرم الخليجيين من أهم طقوس رمضان

اختفاء "الغبقة"..كورونا يحرم الخليجيين من أهم طقوس رمضان

تعتبر "الغبقة" واحدة من أهم الطقوس الرمضانية الخليجية الموروثة التي يتشوق لإحيائها الخليجيون في كل رمضان، ولكن فيروس كورونا الذي انتشر في مختلف بلدان العالم، وبينها بلدان الخليج العربي، تسبب بإلغاء طقس الغبقة.

والغبقة تُعرف عند أهل الخليج بأنها عشاء رمضاني متأخر يسبق السحور، وعادة هي اسم لوليمة تؤكل عند منتصف الليل.

وكلمة "الغبقة" عربية صحيحة جاءت من الغبوق، وهو حليب الناقة الذي يُشرب ليلاً، وعكسه الصبوح الذي يُشرب من حليب الناقة صباحاً.

يدأب على إحياء الغبقة الجميع هنا في بلدان الخليج، وتتوارث إدامتها الأجيال؛ لما تحمله من مزايا غارقة في طبيعة شعوب الخليج، متمثلة بالكرم والاجتماع والسمر وسماع النصائح والشعر وغيرها مما يثري الجلسات التي تجمع الأحباب.

والغبقة تقام في بيت أو مجلس أو خيمة أو عند البحر، واهتم الخليجيون بإقامتها منذ بداية القرن الماضي، لكن بلدان الخليج العربي تزداد التصاقاً بالعادات والموروثات كلما تقادم الزمن.

وما يزيد من أهميتها لديهم ارتباطها بشهر رمضان المبارك، الذي يحرص الخليجيون على أداء طقوسه.

ويتفق الخليجيون على أن الغاية من "الغبقة" أسمى من الاجتماع على تناول الطعام؛ بل تذهب إلى معانٍ وقيم إنسانية سامية يحث عليها الدين الإسلامي.

ومن هذه القيم التراحم والتوادُّ والتكاتف ونشر السلام والتعارف وزيادة الألفة، وغيرها كثير من المبادئ والقيم التي تبني الإنسان والمجتمع البناء القويم.

ففي السابق، وبحسب ما وثَّقته بلدان الخليج في بحوث حول العادات المتوارثة، كانت الغبقات تقام في الحي الواحد.

في هذه الغبقات يجتمع أهالي الحي في بيت أحدهم أو خيمته، فيأكل الرجال وبعدهم النساء، ويتبادل الرجال الحديث.

وأيضاً يستمعون لمواعظ رجال الدين وكبار القوم من المسنين والوجهاء، وتزيد تلك الموائد من الألفة والمحبة والسلام، ويتعارف الناس فيما بينهم.

الغبقات، مع مرور الزمن ومع ما شهدته دول الخليج من نهضة شاملة في مختلف مجالات الحياة، ومواكبتها كل أشكال التطور العلمي والإنساني، زاد بريقها وأهميتها، وباتت وجبة مهمة ينتظرها البعض بشغف كبير لإحيائها في رمضان.

ورغم أن الغبقات في البيوت والديوانيات والخيم وعند البحر ما تزال مرغوبةً بشكل كبير، لكن الغبقات في الفنادق والمنتجعات السياحية والمطاعم نالت اهتماماً كبيراً من قِبل كثيرين، خاصةً رجال الأعمال.

الكاتب: رنا إبراهيم
المزيد