مميّزات الإقتصاد العالمي الحديث وأساليب الرّفاهيّة

مميّزات الإقتصاد العالمي الحديث وأساليب الرّفاهيّة

تغيّرت مكوّنات الإقتصاد العالمي مع مرور السّنين وبالتّحديد بعد التّطوّر الهائل في مجال الإتّصال عموماً والإنترنت خصوصاً، فعلى سبيل المثال إنتقل الاهتمام من الشّركات الكبيرة الدوليّة إلى الأعمال الصّغيرة كما تزايد التّشجيع نحو المبادرة الفرديّة التي تعرف اليوم بريادة الأعمال. شكّلت الشّبكة العنكبوتيّة المركز الأساسي لتطوّر آخر أنواع التّجارة وهي التّجارة الإلكترونيّة التي سمحت بظهور عملة إفتراضيّة غيّرت موازين المعاملات الماليّة وأصبح لديها قيمة في العالم الواقعي.

ومع هذا التّطوّر الإقتصادي تعزّزت أساليب الرّفاهيّة إذ أصبحنا نرى مستوى أعلى من الإنفاق على أدوات وآلات تُعتبر أصلاً ثانويّة وتخصّ فقط أكبر رجال الأعمال وأغنياء العالم مثل الطّائرات الخاصّة أو اليخوت والبواخر. نتعرّف هنا على أهم خصائص الإقتصاد العالمي الحالي وأغلى وسائل التّرف التي أصبحت مُمكنة في نظامٍ حديثٍ كهذا.

ريادة الأعمال (Entrepreneurship)

الإقتصاد العالمي

هذه الوظيفة قديمة المصدر نسبيّاً لكن عادت للواجهة في العقدين الأخيرين بسبب الأوضاع الإقتصاديّة السّيئة في كل العالم تقريباً، وهي تعني أن كل شخص مُتمتّع بحسّ القيادة ويمتلك فكرة عمل مُربحة ومبلغ ماليّ صغير، بإمكانه تأسيس شركة بسيطة أو العمل بطريقة حرّة كي يؤمّن لقمة عيشه. خلف هذه الظّاهرة اليوم سبب آخر، إذ مع تطوّر الإنترنت وانتشارها إنفتحت أمام كل شخص مؤهّل فرص عديدة في مجال العمل الإلكتروني، مثل تطوير التّطبيقات أو الأجهزة، ولهذا السّبب نرى في هذه الفترة هذا العدد الهائل من الرّواد في عالم الإلكترونيّات. لهذا النوع من العمل أوجه عديدة كريادة الأعمال الإجتماعيّة (Social Entrepreneurship) التي، إلى جانب الرّبح المالي، تمتلك أهدافاً إجتماعيّة أو إنسانيّة، أو حتّى ريادة الأعمال السّياسيّة (Political Entrepreneurship).

تختلف هذه المسألة في العالم العربي، فمع وجود قوانين صارمة وقديمة نوعاً ما تطال صاحب المؤسّسة أو حتّى الموظّفين، نلاحظ إقداماً خجولاً على هذا النّوع من الوظائف، كما أن الأوضاع الإقتصاديّة الصّعبة في أكثريّة هذه البلاد تُحدّ أكثر وأكثر من المبادرة الشّخصيّة. لكن وعلى الرّغم من هذه المشاكل، نرى تقدّماً في بعض الدول كالإمارات العربيّة المتّحدة خاصّةً التي تشجّع الأفكار الجديدة.

لمعرفة المزيد عن ريادة الأعمال إضغط هنا

الأعمال الصّغيرة (Small Businesses)

الإقتصاد العالمي

نشهد تزايُد شديد لهذا النّوع من المؤسّسات التي تتمتّع بخصائص تُميّزها عن باقي الأعمال والسّبب الأساسي خلف ذلك هو رأس المال القليل نسبيّاً المطلوب لتأسيس هذا العمل. من أهم تلك الخصائص عدد العمّال المحدود الذي توظّفه هذه الشّركات إذ تُجبرها القوانين على إبقاء عدد موظّفيها قليل كي تبقى ضمن هذا التّصنيف، بالإضافة للضّريبة المنخفضة المفروضة عليها، كميّة الإستيراد القليلة وصافي الإرادات المتدنّي مقارنةً بالشّركات المتوسّطة أو الكبرى. تواجه هذه الأعمال خطراً دائماً يهدّدها بالإقفال إذ الدّيون المتراكمة قد تتخطّى المدخول كما أن أكثر مؤسّسي هذه الشّركات هم خرّيجين حديثين وما زالوا تحت ضغط الدّيون الجامعيّة.

مع الثّورة الإلكترونيّة العالميّة في السّنوات الأخيرة، انتشرت أكثريّة هذه الأعمال في مجال الإنترنت لكن لم تتوقّف هنا إذ نرى هذا النّوع من المؤسّسات في كل قطاعات الدّولة وأصبحت مسؤولة عن نسبة كبيرة من مدخول البلاد ولهذا السّبب يتزايد مع الوقت تشجيع تلك الدّول للأعمال الصّغيرة.

لمعرفة المزيد عن الأعمال الصّغيرة إضغط هنا.

بيتكوين والتّجارة الإلكترونيّة (Bitcoin and E-commerce)

الإقتصاد العالمي

لم يَسلم قطاع الإقتصاد من التّغيُّرات في السّنوات الأخيرة خصوصاً مع إنتشار الإنترنت أكثر في دول العالم، إذ شَهد العالم ظهور ما يُعرف اليوم بالتّجارة الإلكترونيّة و قد سمحت هذه الأخيرة لكل شخص يمتلك إتّصال بالشّبكة العنكبوتيّة وبطاقة إئتمان التّبضّع من داخل منزله. تطوّر هذا القسم كي يشمل الآن كل ما يحتاجه الإنسان، من طعام، كتب أو حتّى معدّات كهربائيّة للبيت، بإمكان أي أحد شراؤها عبر المواقع الإلكترونيّة المخصّصة التي هي عبارة عن مراكز تجاريّة فرضيّة تحتوي على كميّة أغراض يفوق عددها أكبر المجمّعات التّجاريّة الفعليّة.

الإقتصاد العالمي

عمليّات التّبادل الإلكترونيّة فتحت المجال أمام ظهور ما يُسمّى بالعملات المعمات (Cryptocurrency) وهي أموال فرضيّة يجري تداولها عبر الإنترنت فقط لكن لديها قيمة في العالم الحقيقي، وأشهر هذه العملات هي البيتكوين التي يتخطّى سعرها اليوم ٢٠٠٠ دولار. تساهم هذه العملات بتغيير نظام التّمويل المعروف والمنتشر في كل العالم لأسبابٍ عدّة أبرزها غياب مؤسّسة مركزيّة، كالمصرف المركزي، تُنظّم عمليّات التّبادل الفرضيّة وفي المقابل نرى تعامل مباشر بين البائع وزبونه.

ما زال التّداول في هذه المعاملات خجولاً نسبيّاً خاصّةً في البلاد العربيّة بسبب عامل الشّك وقلّة الثّقة المتعلّقة فيها لكن نشهد في السّنوات الأخيرة طلباً متزايداً عليها دافعه الأساسي التّطوّر في مجال الأمن الإلكتروني.

لمعرفة المزيد عن البيتكوين والتّجارة الإلكترونيّة إضغط هنا.

الطّائرات الخاصّة

الإقتصاد العالمي

من أشهر أشكال الثّروة هو إمتلاك طائرة خاصّة ومع التّغيُّرات الإقتصاديّة الأخيرة إستفاد بعض السّياسيّين أو رجال الأعمال من الوضع الحالي وأصبحوا ضمن أغنى الأشخاص في العالم وتمكّنوا من شراء هذا المستوى من الرّفاهيّة. تتراوح أسعار الطّائرات الخاصّة من ما يفوق النّصف مليار دولار إلى بضعة ملايين وهذا بالطّبع يعتمد على حجم الطّائرة، قوّتها والتّعديلات التي أُجريت عليها، إذ مالكي هذه الآلات يبحثون عن وسائل الرّاحة الفاخرة، لا فقط وسيلة تنقّل جويّة. من أكثر التّعديلات شيوعاً، إضافة موقف للسّيارات أو حتّى قاعات موسيقيّة.

أهم أصحاب هذه الطّائرات هم أمثال الأمير السّعودي الوليد بن طلال، رئيس شركة ديل (Dell) للكمبيوترات مايكل ديل ورجل الأعمال الرّوسيّ الشّهير رومان أبرموفيش (Roman Abramovich) مالك نادي كرة القدم الإنجليزيّ تشلسي (Chelsea).

لمعرفة المزيد عن أغلى الطّائرات الخاصّة إضغط هنا.

أغلى اليخوت

الإقتصاد العالمي

الشّكل الثّاني للثّروة الهائلة، وعلى الأرجح الأهم، هو إمتلاك زورق عملاق خاصّ، و كما على مستوى الطّائرات، لا يتعلّق الأمر بالتّنقل على المياه بل يتمحور حول الرّاحة والرّفاهيّة التي بإمكان الشّخص شرائُها. فقط زورقَين تتخطّى أسعارهما المليار دولار، أوّلهما ما يُعرف بالهيستوري سوبريم (The History Supreme) وهو مكوَّن كليّاً من الذّهب لكن يفتقر خصائص الرّفاهيّة. أمّا الثّاني فهو يخت رومان أبرموفيش ويُسمّى الإكليبس (The Eclipse Yacht) وهو مُعدّ لإستقبال عدد كبير جدّاً من الزّوار كما يمتلك مطارات صغيرة وأحواض سباحة.

اليخوت الأخرى الموجودة على هذه اللّائحة يفوق سعرها ٥٠٠ مليون دولار و يمتلك بعضها ملاعب لمختلف أنواع الرّياضات وحتّى نظام دفاع خاصّ بالباخرة، ومن أهمّ مالكي هذه الآلات العملاقة وليّ العهد السّعودي الأمير محمد بن سلمان والملياردير الرّوسي يوري شفلر (Yuri Scheffler).

لمعرفة المزيد عن أغلى اليخوت في العالم إضغط هنا.

في النّهاية

الكثير من التّغيّرات تطرأ على الإقتصاد العالمي وأكثرها له علاقة بتطوّر الإنترنت، من المهم الإستفادة من هذا الوضع ودراسة أبرز مكوّنات هذه الأنظمة الجديدة كي تؤمّن اادّول والحكومات العالميّة فرص عمل أكثر للأجيال الجديدة وبهذه الطّريقة تعمل على الحدّ من نسبة البطالة التي على إرتفاعٍ دائمٍ كما تُقلّل من إنتشار الفقر في العالم الذي، وعلى الرّغم من كل هذه التّطوّرات، مستواه على إرتفاع مستمرّ ويُبرز أهم العيوب في هذه التّرتيبات الإجتماعيّة والإقتصاديّة.

الكاتب: نزار زغيب
المزيد